تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بشارة: مرحلة جديدة تتصارع فيها قوى مضادة للثورة

*
2015-12-22

قال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور عزمي بشارة، إن عام 2015 هو امتداد لما بدأ عام 2013 حيث لا تتواصل الحقبة التاريخية المسماة الثورات العربية، بل نحن في مرحلة الرد عليها من ناحية تثبيت النظام القديم وعودة عناصر منه والقوى المعادية للثورات، سواء أكانت هذه القوى من النظام القديم أو من الحركات المتطرفة التي دخلت ضد الثورات والأنظمة والتي ترفض حتى تسمية ثورات.

وأضاف في حلقة 21/12/2015 من برنامج "في العمق" التي تناولت الحالة العربية في نهاية عام 2015: "نحن الآن في مرحلة جديدة تتصارع فيها قوى مضادة للثورة، وبالطبع فإن الأغلبية الشعبية ما زالت قائمة، والتوق لنظام أفضل ما زال قائما والحراك الشعبي ما زال قائما، ولكن أكثر ما يميز هذا العام هو صراع ثورات مضادة".

وعن مفهوم الحرب على الإرهاب، قال بشارة إن "مفهوم الحرب على الإرهاب الذي نعيش معه منذ عقدين وتحول إلى شعار عام في السياسة الأميركية، يطمس القضايا مثلما يفعل مفهوم الإرهاب، فلو أن هناك تعريفا كونيا شاملا عالميا تتفق عليه الإنسانية للإرهاب كما اتفقت على موضوع حقوق الإنسان بعد الحرب العالمية الثانية لكان من السهل الحديث عنه، فمنذ الثورة الفرنسية وحتى اليوم تميل الدول إلى تسمية كل استخدام للعنف ضد السلطة القائمة سواء أكانت سلطة احتلال أم استبداد إرهابا".

وأضاف أن "الدولة عموما تطلق تسمية إرهابيين أو مخربين على من يستخدم العنف ضد النظام القائم سواء كان نظام احتلال أم استبداد أم ديمقراطي، وسواء كان الضحايا مدنيين أم عسكريين، ولذلك فإن كلمة إرهاب تطمس الفواصل، فحركة التحرر الوطني بهذا المعنى هي إرهاب بالنسبة للمحتل وليس للواقع تحت الاحتلال، وأيضا مكافحة الإرهاب توحد أنظمة لا يوجد ما يجمع بينها سوى خوفها على الاستقرار".

وأوضح أن أميركا وروسيا وإسرائيل والنظام السوري وإيران يجتمعون اليوم على مفهوم مكافحة الإرهاب، ومن لا يقبل أن يكون عضوا في هذا النادي يجد نفسه مقصى من الإجماع الدولي فيتجه أيضا إلى إقامة شيء اسمه مكافحة الإرهاب، فالجميع يريد أن يكون عضوا في هذا النادي الذي بدأ أميركيا.

سوريا

ووصف بشارة قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن خريطة طريق لسلام في سوريا بأنه "قرار أميركي روسي والباقون كومبارس كما يقال في الأفلام"، مشيرا إلى أن الاتفاق الأميركي الروسي هو على أن القضية الرئيسية التي تواجه المجتمع الغربي، الذي يسمى زورا وبهتانا المجتمع الدولي، هي قضية تنظيم الدولة الإسلامية وتدفق اللاجئين إلى أوروبا، وبهذا المعنى أصبحت قضية النظام السوري قضية ثانوية.

وقال إن أميركا ماضية حتى النهاية في مسايرة الوقائع التي تخلقها روسيا على الأرض في سوريا بهدف إيجاد وحدة دولية بشأن قضيتي تنظيم الدولة واللاجئين ثم بعد ذلك إيجاد حل وسط بخصوص بشار الأسد.

واعتبر أن العامل الرئيسي ليس ما يطلبه المجتمع الدولي من المعارضة السورية، بل يجب أن يكون ما تفرضه المعارضة على الأرض وما تفرضه هي على المجتمع الدولي، وهذا له شقان الأول هو الأرض والثاني هو السياسي الذي يجب التوجه فيه إلى الرأي العام الغربي للشعوب وليس للدول، مشيرا إلى أن ما لم يساعد المعارضة هو دخول تلك الحركات التي تكفّر الثوار مثلما تكفّر النظام وتكفر حتى الحركات الإسلامية الشبيهة لها.

اليمن

وعن الوضع في اليمن، قال بشارة إنه كان يجب حل المشكلة سياسيا لكن من قوض ذلك هم الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذين انقلبوا على مخرجات الحوار الوطني التي لن يجد اليمنيون أفضل منها، وفي الواقع فإن ما حصل في اليمن هو انقلاب عسكري مثل انقلاب مصر، لكن في حالة اليمن الانقلاب تحالف تحالفا طائفيا فتحول فورا إلى حرب أهلية ولم ينجح كما حصل في مصر، وهذه الحرب الأهلية تزيد من الطائفية في اليمن.

ورأى أن الحل الوحيد في اليمن هو تقوية مؤسسات البلد الشرعية المتجاوزة للطائفية والتقسيمات الإقليمية وهي الحكومة والرئيس، وخير ما يفعله التحالف العربي هو تقوية مؤسسة الرئاسة، "لكنني أخشى أن يدعم الحلفاء العرب تأسيس قيادة سياسية ثم يتركونها ويعملون على الأرض مباشرة من دونها، وهذا يقوض شرعيتها".

كما تحدث بشارة عن المؤشر العربي للعام 2015 والذي نفذه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات والذي كشفت نتائجه أن نحو 80% من الأسر في المنطقة العربية إما معوزة وإما تعيش على الكفاف.

كما اعتبر المستجوبون في الاستطلاع -الذي نفذه المركز ومقره الدوحة- إسرائيل وإيران وأميركا الدول الأكثر تهديدا لبلدانهم.

وأعرب بشارة عن اعتقاده بأن نسبة كبيرة من المواطنين العرب تفهم ما يجري أكثر من الساسة الكبار والصحافيين والمعلقين، ومن المهم أن يسمع الساسة في الغرب والشرق ماذا يعتقد المواطن العربي.

نخب دموية

وأعرب كذلك عن تشاؤمه مما آلت إليه الأوضاع في المشرق العربي، "فهناك طائفية والأنظمة العربية أثبتت أن لدينا قضية نخبة تختلف عن نخب أميركا اللاتينية، وكم العنف الذي تستخدمه النخب العربية في الدفاع عن وجودها في الحكم مفاجئ. وطبيعة النخبة والأنظمة العربية مفاجئة في ردائتها وفي دمويتها واستعدادها لتحطيم البلد من أجل البقاء، وليست هناك وطنية لدى النخب العربية من ناحية مصلحة البلد".

وأضاف "هناك الطمع الدولي في المنطقة وتحويلنا إلى مناطق نفوذ، لكن من ناحية أخرى فغالبية المواطنين العرب ضد الطائفية، وهذا يدعو للتفاؤل".

وعن إمكانية تحسن الواقع العربي على المدى البعيد، قال إن ذلك يمكن أن يحدث عندما يترجم هذا الرأي العام العربي إلى تنظيمات سياسية واعية قادرة على حمل آراء وأفكار وهموم هذه الأمة إلى العالم، وعندما تتوقف الحركات التي تقتحم المجال العام بالدموية وتكفير الديمقراطية وهي أقلية ضئيلة، مشيرا إلى أن غالبية ساحقة من المواطنين العرب ترفض استخدام الدين في الانتخابات.

ورأى أن النخب العربية التي تصدرت العمل السياسي لم تترجم آمال وهموم وأحلام وطموحات الجمهور العربي الذي تتحدث باسمه، ومن تحدث باسم المظلومين عمليا سبب ضررا لهم بأطروحاته، والحركات التي وقفت ضد الديمقراطية ومع الأنظمة الانقلابية وادعت أنها قومية أو يسارية أو ليبرالية، خانت قضية اليسار وقضية الديمقراطية وقضية القومية.

الجزيرة.نت