تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

عزمي بشارة: دول عربية مولت "تمرد" لإسقاط مرسي.. وحكم الإخوان أخاف الناس

2017-04-01

وفي رواية أخرى│المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة│الحالقة الخامسة

قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن دولاً عربية والمؤسسة العسكرية المصرية وقفت وراء حركة تمرد لجمع توقيعات للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة في محاولة لإسقاط مرسي.

وقال بشارة في حواره مع برنامج "وفي رواية أخرى" على التلفزيون العربي أن من أهم أسباب وأد ثورة 25 يناير في مصر أن الجيش كان لديه طموحات سياسية خلافاً لتونس، وأن التيار الإسلامي لم يطمئن الناس بشأن حسم موقفه من الديمقراطية.

ورأى أن التيار الإسلامي حسم موقفه من الديمقراطية كونها أداة للوصول للحكم، ولكن عندما وصل للحكم بأغلبية 51% فقط انفرد بالمشهد، ولم يشارك الأحزاب والقوى الاجتماعية، لأن الانتقال الديمقراطي غاية وموقف فكري، وليس مجرد تكتيك ووسيلة.

وأوضح أن مصر شهدت قضايا مفصلية حددت مسار التجارب، ولم يعد ممكناً إجراء التحول الديمقراطي بعقلية إخوان مصر وجبهة الإنقاذ، فالسياسيون راهنوا على عودة الجيش لإزاحة الإخوان، وفي الوقت الذي استفردت فيه الجماعة بالحكم ولم يسعوا للتوافق، رغم أنه لو كانت أجريت أية انتخابات لم يكن الإخوان ليحققوا أغلبية.

وأكد أن محمد مرسي لم يحكم مصر، وعُزل داخل قصره الرئاسي، وأن الدولة لم تتعاون مع الإخوان من اليوم الأول لحكم مرسي، وعملياً لم يكن يحكم، وكان هذا ما أدى إلى تشكيل تحالف وطني واسع للحفاظ على الثورة.

وأشار إلى أن 30 يونيو خرج الجمهور لأسباب مختلفة ضد تفرّد الإسلاميين في الحكم، وكذلك أزمة المعيشة والاقتصاد، وأثيرت الفوضى من قبل عناصر من النظام السابق والدولة العميقة.

وتابع المفكر: "صنعوا الفوضى عن قصد كي يخرج الناس، وهناك دول عربية والمؤسسة العسكرية المصرية كانوا يقفون وراء حركة تمرد حتى سقوط مرسي"، مضيفاً أن مرسي تعرض لمؤامرة بإنشاء تنظيم بعلم من الجيش المصري وبتمويل من دول عربية للتخطيط لإسقاط مرسي.

وأكد أن ما حصل هو تآمر حقيقي على عملية التحول الديمقراطي لاستعادة الحكم العسكري، وذلك بغض النظر عن الناس التي خرجت بدوافع بريئة أو نبيلة لأن حكم الأخوان أخاف الناس.

"الجيش المصري لديه طموح سياسي بخلاف التونسي"

قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن أهم أسباب نجاح الثورة التونسية هي أنها كانت احتجاجات اجتماعية، وتحولت إلى ثورة سياسية.

وأضاف أن الثورات العربية في 2011 كانت في البداية احتجاجاً اجتماعياً عفوياً، والناس خرجت بسبب الوضع الاقتصادي وعدد من المطالب الاجتماعية، وأتفه ما يقال عنها "إنها مؤامرة"، ولكنها احتجاجات اجتماعية تحولت لثورة سياسية لإسقاط النظام.

وأشار إلى أن من بين أسباب نجاح الثورة التونسية وجود نسبة عالية من المتعلمين وهامش عمل سياسي لتدريب الناس وكذلك الحريات، فدولة تونس ليست هشة بل قوية، وفيها مؤسسات دولة تسيطر على البلاد، والناس مع مؤسسات الدولة وليسوا ضدها.

وتابع المفكر قائلاً: "الدولة في مصر أيضاً قديمة وعتيقة، ولكن هنا تدخل عوامل أخرى من بينها أن الجيش في مصر لديه طموحات سياسية، فالجيش التونسي ليس له طموح سياسي ولم يحكم يوماً، وعلى الجانب الآخر الجيش المصري كبير ولديه مشاريع اقتصادية ولديه طموحات سياسية".

وأكد أن الشباب المصري والتونسي عادوا لمنازلهم بعد رحيل رأس النظام، ولكن الفرق بين مصر وتونس، أنه في مصر جاءت نخبة هي في الواقع جزء من النظام القديم، وبدأوا الادعاء بأنهم حلوا محل الشباب واستقطبوا علمانيين وإسلاميين ولم يتوصلوا لقيم ديمقراطية للتعايش المشترك، والجيش استغل حالة الخلاف تلك واستثمر فيها أحياناً حتى وصل للحكم. أما في تونس فقد كاد أن يحدث ذلك، ولكن ثبت أن نخبة تونس قادرة على التوافق والتوصل لحلول وسط، وهذا ناتج عن طبيعة النخبة التونسية وتثقيفها وممارستها السياسة.

ورداً على قول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتكرر بأن على المصريين أن "ينظروا لسوريا والعراق"، قال بشارة لماذا لا ينظرون إلى تونس وما حدث بها.

وأضاف أن مقولة "الشعوب العربية غير جاهزة للديمقراطية" ليست صحيحة، فكل الشعوب هي غير جاهزة للديمقراطية حتى تخوض غمار التجربة التي تتعلم من خلالها ثقافة المواطنة والتعايش المشترك والوعي بالحقوق والواجبات والالتزامات المتبادلة.

وتابع الدكتور قائلاً: "إن التيارات الرئيسية في تونس أثبتت أنها قادرة على التعايش، وإن هناك إمكانية للتوافق ونزع فتيل الأزمات في مراحل الاحتقان الخطيرة، وهي إمكانيات لا غنى عنها لتمر المرحلة الانتقالية بسلام".

وأكد أن تراجع حركة النهضة وقبولها بالتخلي عن الحكم، والقبول بانتخابات جديدة أنقذ التجربة التونسية، ولو خضعت لرأي المتطرفين دينياً لأودت بالتجربة إلى مسار يشبه ما حدث في مصر، ولتحولت لحرب أهلية.

عزمي بشارة: عودة الأجهزة الأمنية العربية لإذلال المواطن تدل على أنهم لم يتعلموا الدرس

قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن عودة الأجهزة الأمنية في مصر للعنف ولما كانت عليه سابقاً قبل ثورة 25 يناير يدل على أنهم "لم يتعلموا الدرس".

وأضاف أن الأجهزة الأمنية لديها هوس بإذلال المواطن جسدياً، ليعلم من هو سيده، مما أدى لاندلاع الثورة في مصر وتونس، موضحاً أن الأجهزة الأمنية اليوم لم تتعلم من الدرس ولم تعرف أن مفجر الثورة في مصر كان خالد سعيد، وفي تونس كان بوعزيزي.

وقال بشارة إن الثورات العربية في 2011 كانت احتجاجاً اجتماعياً عفوياً، والناس خرجت بسبب الوضع الاقتصادي وعدد من المطالب الاجتماعية، وأتفه ما يقال "إنها مؤامرة".

عزمي بشارة: الثورات العربية لم يخطط لها أحد وتوقعتها في كتاباتي

قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن الثورات العربية عفوية وليست مؤامرات على حكام الدول، كما وصفها البعض.

وأضاف إنه أشار في كتاباته إلى تطور واقع عربي جديد بالتحالف الثلاثي بين رجال الأعمال والطبقة الأمنية والأسرة الحاكمة القائم على الفساد؛ مما أدى لانتشار أسباب النقمة على الحكم.

وأكد الباحث: "كان لدى العرب شعور عام أن القمع تغوَّل في البلدان العربية، وقلت إن مسألة طرح الأنظمة الحاكمة للنقاش ومستقبلها مسألة وقت، ولكن لم أتحدث عن توقيت الحدوث".

وأوضح بشارة أنه كتب كتاباً عن أسباب الحالة الثورية، وقال فيه إن العالم العربي نشأت فيه طبقة واسعة من المواطنين لا يقبلون بأدوات الحكم بالطرق القديمة، وكذلك اضطرار الأنظمة في الثمانينيات لفتح العمل السياسي والحزبي في مصر وتونس فكان هذا تدريباً للجمهور.

وأشار إلى وجود هامش حريات أنشأ جيلاً يفكر في إمكانية التغيير، وحدثت كذلك طفرة ديموغرافية عربية لأجيال الشباب، الذين لا يجدون عملاً بعد تخرجهم من الجامعات.

ورأى الدكتور بشارة في حواره أن مسألة ظهور حركات احتجاجية على غزو العراق، وأخرى داعمة للانتفاضة الفلسطينية؛ كل ذلك أفضى للوضع الذي سمح للثورات العربية بالاندلاع.

أما عن الأسباب غير المباشرة لقيام الثورات؛ قال إن الظلم والهوَّة بين الغني والفقير، حتى في الدول التي كان نظامها قائماً على القطاع العام كمصر، فقد فسدَ فيها هذا القطاع العام، ونشأت فئة من رجال الأعمال الذي يعيش قسم منهم على فساد الدولة، ونشأت هوة جديدة بين الأغنياء والفقراء، وشعر المواطنون أن تراكم ثروات هؤلاء جاء نتيجة للظلم الاجتماعي والفساد.

وأضاف  كذلك الأجهزة الأمنية كان لها دور في إذلال الناس؛ فالأجهزة الأمنية لديها هوس بإذلال جسد المواطن ليعرف من هو "سيده"، مما أدى إلى تصاعد الغضب داخل النفوس العربية، وحتى الآن لم تتعلم الأجهزة الأمنية الدرس، ولم تعرف أن مفجِّر الثورة في مصر كان خالد سعيد، وفي تونس كان محمد بوعزيزي.