تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بشارة: هزيمة 1967 علمتنا أن نفهم الفجوة الحضارية بيننا وبينهم

2017-03-05

وفي رواية أخرى│المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة│الحلقة الأولى


وصف الباحث والمفكر الدكتور عزمي بشارة، الهزيمة التي تلقاها العرب في حرب 1967 بـ"الصدمة الكبرى"؛ حيث كان الناس متعلقين بالخطاب العربي الثوري الذي سيحرر فلسطين.

وأضاف "بشارة" في حوار مع برنامج "وفي رواية أخرى" على التلفزيون العربي أن الهزيمة "علمتنا أن نفهم الفجوة الحضارية الكبرى بين نظام رأسمالي حديث تكنولوجي متطور، ينظم نفسه فى مؤسسات ومدعوم من الغرب، وبين الأنظمة العربية بحالتها التى كانت عليها".

وعن السياق العام الذي نشأ فيه تحدث بشارة عن نشأته فى الحي الغربي من الناصرة، الذي كان قريباً من القرى التى شُرِّدت عام 1948، مؤكداً أن القانون الرئيسي الذي كان يحكم علاقة الفلسطينيين بالدولة الصهيونية هو الخوف.

وأشار الباحث والمفكر الدكتور عزمي بشارة إلى أن الحكم كان عسكرياً يتدخل فى كل جوانب حياة الإنسان، حيث تحتاج لتصريح إذا أردت التحرك من قرية إلى قرية، ولتصريح خاص للعمل إذا أردت العمل فى مدن أخرى، وكان الناس يسعون خلف معاشهم اليومي.

تنظيم طلاب الثانوية العرب

قال بشارة إن فكرة تأسيس الحركة الطلابية بالثانوية العامة للطلاب العرب كانت مغامرة كبيرة جداً، حيث وصفها بأنها"أحد مفاصله التكوينية".

وأضاف أن الدافع العام لتأسيس الحركة الطلابية هو الشعور الوطني العام لدى الطلاب العرب بالحاجة للنضال ضد الممارسات العنصرية، فقرروا إنشاء لجنة المبادرة لطلاب الثانوية العرب.

وأشار إلى أن مناهج التدريس كانت صهيونية، وكانوا يتعلمون التوراة ولا يتعلمون القرآن، والأمثلة التي ترد في تعليم اللغة العربية كانت عنصرية، وتتعمد الحط من العرب؛ مما أثار الغضب بداخل الطلاب العرب.

وقال إنه كان يتعرض للطرد من المدارس، ويتعرض لملاحقات من المخابرات أثناء تأسيس اللجنة القطرية لطلاب الثانوية؛ حتى أن أهله -لمدة عام كامل- كانوا يعتقدون أنه يذهب للمدرسة، ولكنه كان يذهب لتنظيم الطلاب في القرى. مضيفاً أن الخوف كان يتملك المواطنين من فكرة تنظيم العرب بوصفهم عرباً.

وأكد بشارة أن شعوراً وطنياً بدأ يتبلور بالاحتياج لتنظيم الطلاب العرب لأنفسهم، والبحث عن متنفس لتأكيد الهوية الوطنية، ومساواة التعليم الذي ينفي الهوية عن الفلسطينين. وقال إن مناهج التعليم التي كانوا يدرسونها كانت تنفي وجود سكان قبل قدوم المستوطنيين اليهود، وتؤكد على أن المنطقة كانت خاوية، وكانت عبارة عن مستنقعات جففها المستوطنون اليهود.

وتحدث عن قراره في تأسيس اللجنة القطرية للطلاب العرب في الصف الحادي عشر، والذى اعتبره "أول تنظيم عربي على مستوى العرب فى الداخل جميعاً".

وفي سياق حديثه عن مسيرة نضاله قال الباحث والمفكر الدكتور عزمي بشارة إن حياته الجامعية في جامعة حيفا والقدس كانت ضمن هذه المسيرة؛ وتعرض بسبب نشاطه عدة مرات للمحاكم التأديبية والفصل، وأدى نشاطه إلى صدامات واشتباكات بالأيدي بين الحركة الطلابية الصهيونية وبين الطلاب العرب، وبعض الصدامات اشتهرت وصورتها وسائل الإعلام العالمية.

حرب 1973 نصف انتصار ونصف هزيمة.. وهذه أسباب يوم الأرض في 1976

قال الدكتور عزمي بشارة إن حرب 1973 "جعلتنا نشعر بالكرامة والفخر بالانتساب للأمة، إلا أننا فهمنا بعد ذلك أن الحرب كانت نصف انتصار ونصف هزيمة، وأدت لمفاوضات "كامب ديفيد" وفهمنا الربط بين الحرب وعملية الاستسلام التي تمت بعدها."

وأضاف أن حرب 1973 أضفت أجواءً وطنيةً، وصاحبها صعودٌ للمقاومة الفلسطينية، وبدءُ الاعتراف العالمي بمنظمة التحرير الفلسطينية.

أما من ناحية عرب الداخل قال: "تطورت فى أوساطهم طبقة وسطى واعية ومثقفة، ولم يعد الحزب الشيوعي الإسرائيلي وحيداً في الساحة، وأصبح هناك فئات وطنية تنظم نفسها فى روابط أكاديمية واتحادات.

وأشار إلى أن هذه التطورات أدَّت إلى نشوء تحالف بين الشيوعيين وهؤلاء الأكاديميين الوطنيين في ما سمي"لجنة الدفاع عن الأراضي العربية"؛في محاولة منهم لاتخاذ خطوات نضالية ضد مصادرة ما تبقى من الأراضي العربية فى الداخل الفلسطيني.

وعن أسباب يوم الأرض، قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن الاحتلال اختار سياسة مُعلنة، وهي نشر اليهود على طول فلسطين، ومنع وجود أكثرية للعرب في أي منطقة، وعقب مصادرة أراضٍ كبيرة من أراضي الفلسطينين في منطقة الجليل تحت شعار "تطوير المنطقة"؛ تم اتخاذ قرار من اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض بالإضراب السلمي، لكن الجماهير خرجت للشوارع فردَّت عليها إسرائيل تحت قيادة إسحق رابين بعصبية، ووقعت مصادمات سقط فيها 6 شهداء ومئات الجرحى من عرب الداخل.

وأشار إلى أن مظاهرات يوم الأرض تحولت فيما بعد للنضال ضد الحكومة، وضد القيادات العربية التقليدية، وأصبح يوماً تاريخياً فى تشكُّل الوعي الوطني، وصارت له رمزية خاصة بما له من بُعْد "مواطني ومساواتي ومدني" ضد منطق يهودية الدولة.

بشارة: تظاهرنا ضد زيارة السادات لإسرائيل.. وأخطأت بعدم التواصل مع الشعب المصري

قال بشارة إن عرب الداخل تظاهروا ضد زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات لتل أبيب؛ بسبب خطر "الأسرلة" و"التطبيع"؛ فحضور السادات ساهم في هذه العملية، وأدى لاحقاً لخروج أكبر دولة عربية من الصراع العربي الإسرائيلي.

وأضاف أن بعض عرب الداخل تظاهروا بدوافع تتعلق بخروج السادات من المعسكر السوفيتي واتجاهه نحو الولايات المتحدة، ولكن وجد البعض الآخر في زيارة السادات لتل أبيب خروجاً لمصر من الصراع العربي الإسرائيلي بالمعنى التاريخي.

وبحسب تعبير "بشارة" فإن هذا الأمر خطير؛ لأنه يعني أن قضية فلسطين لم تعد القضية المركزية لدى العرب،وأن الاكتفاء باستعادة سيناء التى احتلتها إسرائيل فى حرب 1967 لا يُنهي بذور الصراع الأساسية بين العرب وإسرائيل، ولأن احتلال سيناء كان نتيجة للصراع العربي الإسرائيلي وليس العكس.

وفي سياق حديثه عن التطبيع قال إنه لم يكن يرغب حتى وقت قريب بزيارة مصر؛ لأنه كان يعتبر ذلك تطبيعاً معاكساً؛ ففلسطينيو الداخل حينما يرغبون في زيارة مصر يدخلون بالجواز الإسرائيلي، بينما الفلسطيني من غزة أو الضفة الغربية قد لا يستطيع الزيارة، فعندما تحمل الجواز الإسرائيلي تحصل على امتيازات في الدول العربية، ولو كان لديك جواز فلسطيني تُعامل بوصفك لاجئاً ومشرداً.

وأكد الباحث والمفكر الدكتور عزمي بشارة أنه يعتبر عدم زيارته لمصر خطأ كبيراً؛ لأنه حرمه من إمكانية التواصل مع الشعب المصري.