تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

عزمي بشارة ومحنة المفكر العربي

2018-11-28

عمار ديوب

 

أثار ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، مع المفكر عزمي بشارة، من حوارٍ وبورتريه نقاشات كثيرة. ولا يستحق أن يُلقى له بال الموجّه ضده عبر أروقة الناقمين عليه، والمحسوبين على العربية السعودية أو الإمارات المتحدة؛ فهاتان على خصومةٍ مع دولة قطر، وفي هذا الإطار وحده، يتم استهدافُه بخفةٍ وقلة أدب، وتحميله ما لا يحمله نبيٌّ، فكيف بمفكرٍ، فهو أحد المنظرين الأساسيين للثورات  العربية، لكنه ليس مطلقها، ولا سبب حدوثها؛ فهذا كلامٌ مؤدلجٌ، ولا يعتدّ به؛ للثورات أسبابها المحلية، وحتى تحوّلاتها يجب أن تُقرأ محلياً أولاً وثانياً خارجياً، وفي سوء نية بالغ الهزال، اعتبار المفكر عزمي بشارة سبباً لها أو لانحرافاتها. وضمن الإطار ذاته، لا يمكن تفسير السياسات القطرية تجاه الثورات أو بقية الخليج بأفكار بشارة؛ فالخلافات الخليجية الخليجية سابقة لوجوده في الدوحة. 

فلسطين أولاً 
يوضح البورتريه الذي نُشر أن عزمي بشارة معروف في أوروبا سياسياً وبرلمانياً وأكاديمياً، قبل استقراره في الدوحة، وزادت شهرته، بعد تأسيسه المركز العربي للأبحاث ودراسة الدراسات، ثم معهد الدوحة للدراسات العليا، ومجلات عدّة، وإدارة ندوات فكرية وسياسية، يُدعى إليها أهم المفكرين العرب والعالميين. قبل الحوار مع "لوموند"، لم يكن يستجيب للمقابلات الصحافية، لكن مسائل فلسطينية وعربية استجدّت، واستدعته. ويوضح ذلك أن الحوار بسبب "تهميش القضية الفلسطينية وقضية حقوق الإنسان في العالم العربي"؛ فكرته هنا تتضمن مخاطر سياسية (صفقة القرن والكلام عن تحويل القدس عاصمة لإسرائيل) وازدياد السياسات الشعبوية اليمينية في العالم المتقدّم، والرافضة حقوق الطبقات المفقرة وحقوق الشعوب، وتحديداً حقوق الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يدعم الغرب الديكتاتوريات والاستبداد في العالم العربي وسواه، وهذا يتطلب مواجهةً فكرية، وباعتبار الحوار موجه أصلاً للأوروبيين، فهو بمثابة رسالةٍ من مفكرٍ ذائع الصيت، وتتضمن رفضاً لسياسات الدول العظمى في تهميش القضية الفلسطينية، ودعم الدكتاتوريات، وترك الأنظمة تفتك بالثورات الشعبية، وهو ما أشار إليه عبر انتقاده سياسات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إزاء سورية والثورات العربية. 
يوجّه عزمي بشارة نقداً لكل من حركتي حماس وفتح، المتحكمتين في قطاع غزة والضفة الغربية. وفي هذا يدعو إلى إعادة تفعيل منظمة التحرير، وإعادة الدور السياسي للشعب الفلسطيني، والضغط على هاتين المنظمتين لإنهاء الانقسام. وطبعاً يمكن انتقاد فكرة إعادة الحياة إلى منظمةٍ ماتت القوى السياسية المنضوية فيها، وتَغيّرَ الواقع الذي استدعى وجودها؛ كما أصبحت الأوضاع الفلسطينية تتطلب تجاوز حركتي فتح وحماس لمصلحة حركات ومنظمة جامعة جديدة تمثل المرحلة الجديدة التي استقرت عليها الأوضاع بعد اتفاق أوسلو، وبعد التراجع الكبير لكل مكونات منظمة التحرير. 

العالم العربي وعلمنة الإسلاميين 
تشغل فكر عزمي بشارة الرؤية الأوروبية والأميركية التي تندفع نحو "أولوية الاستقرار في الشرق الأوسط"، أي تأييد الأنظمة الدكتاتورية والطائفية، والتضحية بالشعوب وثوراتها. إذاً  

وظيفة الحوار هي الإشارة إلى هذه القضية، أي فضح السياسات الغربية، وأنها بذلك تؤسّس لتراجع الحريات والديموقراطية، ليس في العالم العربي، بل أيضا في أوروبا وأميركا ذاتها. يَنقدُ رؤية الغرب للشرق بأنّه طائفيٌّ في تكوينه، وأن الصراع المذهبي (سنة وشيعة) فيه ليس جديداً، بل هو حاضرٌ دائماً في تكوينه؛ يردّ عزمي بشارة، بالقول "الطائفية هي التي تنتج الطوائف وليس العكس"، أي الأنظمة التي تسيطر على المجتمعات العربية هي من تعيد إنتاج الطائفية والطوائف، وأن الحاضر هو الذي يعيد إنتاج الطوائف تلك، وبالتالي الأنظمة التي يدعمها الغرب لتستقر مجدّداً هي التي تنتج الطائفية، وهي سبب هذه الصراعات وتسييس الهويات. 
حاول المحاور بنجمان بارت الإشارة إلى دور بشارة في السياسة العربية، وتحديداً في الثورات، فكان الرد يتمحور حول دور المثقف في السياسة. وبالتالي، لا يمكن للمفكر ألّا يربط الفكر بالنظر. أما أهمية الفكر وأثره فتتعلق بالاجتهاد النوعي للمثقف ذاته؛ وإن ما أشرف عليه الرجل من مراكز، وما دعمه من مؤسسات إعلامية، فهي أعمالٌ تأتي في إطار الصراع السياسي والثوري، وهو أمر خاضه كل من اهتم بشأن الثورات والتغيير في العالم العربي، وبالتالي أين قيمة النقد (التشهير في دور عزمي بشارة) في ذلك كله؟ 
المشكلة مع عزمي بشارة هي في تأييده الكامل للثورات، وهذه مسألة قَضّت فعلاً مضاجع كل الأنظمة، فهل من نظامٍ عربيٍّ لم يرتعد من الثورات، وسارع إلى تطبيق أشكال هزيلة من الإصلاحات حينها، وهذا حدث في كل البلدان التي لم تحصل فيها ثورات. ويشار إلى علاقة خاصة بين بشارة (المثقف العضوي للثورات)، كما ورد في البورتريه، و"الإخوان المسلمين"، وكأنه من صنع هؤلاء، وأنّه الوحيد الذي يطالب بإشراكهم في العمل السياسي. "الإخوان المسلمين" تنظيم قديم في العالم العربي، وبغض النظر عن نقاشٍ لا يتوقف عن كيفية النشأة والتوظيف وتاريخ هذه الجماعة وفروعها في كل الدول العربية وسواها، فإن هناك نقاشاً جديّاً، وغير مفتعل، عن كيفية مشاركتهم في الحياة السياسة، ولا سيما بعد 2011، ويتعلق ذلك بضرورة تغيير موقفهم وآرائهم إزاء مفهوم الدولة الدينية أو ما يؤسّس له، والانصياع لمفهوم الدولة الحديثة، والتي تبنى على أساس المواطنة وحقوق الإنسان، أي الدولة التي تحيّد الأديان عن السياسة كلّياً، لكنها، في الوقت نفسه، تضمن المشاركة السياسية لجميع القوى السياسية، وفي هذا نشر عزمي بشارة نصوصاً كثيرة تُناقش هذه القضية، وضرورة فصل الدعوي عن السياسي، أي أن يصبح "الإخوان المسلمين" فعلاً ديموقراطيين، وأن يتخلصوا من كل أخونة للدولة وتديينها، وأن يتحولوا إلى حزبٍ وضعي. وهذه القضية يشار إليها في الإعلام بما بعد الإسلام السياسي، أي أن يتعلمنوا في السياسة، وأن يكون لهم كامل الخيار في الشأن الديني، من إيمانٍ وسواه، ولكن أيضاً بما يضمن للآخر حرية الاختيار، من حيث الإيمان والكفر واللاأدرية، وسواها. 

قطر والثورات 
هناك أكثر من سؤال، حاول من خلاله المُحاور معرفة موقف عزمي بشارة بخصوص دولة 

قطر، ولم يتلكأ الرجل، فكان ردّه أنّه ضيف، ومنفيّ، ولن يفتعل ثورة في بلدٍ مستقر، لكنه قال كذلك بضرورة القيام بإصلاحات متعدّدة. وضمن ذلك سئِل، وإذا خرج الشعب القطري للتظاهر، فكان ردّه واضحاً ودقيقاً: إنه سيؤيّده بالتأكيد، أي سيقف مع الشعب القطري كما فعل مع بقية الشعوب العربية. في هذا نسأل: هل اصطُنعت الثورات اصطناعاً أم هي حدثت لأسبابٍ موضوعية؟ القضية هنا بالتحديد، أي كيف (ستخرج ثورة من العدم في قطر؟) هذا نقاش ركيكٌ، ولا معنى له إلا من بوابة الكيدية والدسائس عديمة النفع. 
ويقول عزمي بشارة "أنا أفضّل الإصلاحات على الثورة، إنها الأكثر أماناً". ويُعقّب على ذلك بأن الثورات تؤدّي إلى الاستبداد. إذاً هو يفضّل الطريق الإصلاحي، والنفس الطويل لحل المشكلات، وهذا يعكس موقف الشعوب كذلك، ألم تصمت عن المظالم حتى تساوت لديها الحياة مع الموت، وتعمّق ذلك مع الإفقار الشديد، فانفجرت في عام 2011؟ وحينها ماذا سيفعل المفكر؟ هناك خياران أمامه؛ الوقوف مع الأنظمة أو مع الشعوب. بكل بساطة، اختار عزمي بشارة الثورة على الأنظمة وتحقيق الديموقراطية، وكل الأهداف التي تسمح بنقلةٍ حداثية للدول العربية. 
"زرعت الثورات بذور التغيير. وسوف يأتي التغيير، من خلال الإصلاحات، أو الثورة، أو الأزمة الاقتصادية، أو الحرب، وستكون البدائل جاهزة، وستكون هناك سذاجة أقل". هذا ما يقوله بشارة، إذاً لن يعود الواقع إلى ما قبل 2011، وهو لم يوضح أسباب ذلك بشكل دقيق، بسبب الجانب التقني للحوار، لكنه عَدّد أسبابها كما هي أعلاه. إذاً هناك ثورات ستتجدّد، والأنظمة التي يُعملُ على تأبيدها وضد مصلحة الشعوب ستزول مجدداً. وتدفع الفكرة هذه صاحب هذه السطور إلى الذهاب إلى أن خطأً كبيراً يقع فيه كتابٌ كثيرون، وهم يعمّمون روح الهزيمة، والقول إنها انتهت إلى غير رجعة (شتاء قاس، خريف الثورات، انتصار الثورة المضادّة). نعم، الثورات لم تنتصر، وتحقّق ما رغبت به الشعوب من أهدافٍ عظيمة (الديموقراطية، والعدالة الاجتماعية والحريات العامة)، لكن الأنظمة أيضاً تخلخلت، ولم يعد في مقدورها الاستمرار من دون القيام بإصلاحات شاملة؛ إن أزماتها (الاقتصادية) ستُعيد إنتاج الثورات بالضرورة. وفي هذا، يمكن الإشارة إلى السياسات الليبرالية الجديدة، والتي كانت السبب الأساسي للثورات، حيث دمرت الصناعة والزراعة، ونتجت عن ذلك كتلة بشرية هائلة من دون عمل، وتراجع دور الطبقة المتوسطة، وانهارت وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية؛ ويتكرر الأمر ذاته ما دامت السياسات ذاتها. إذاً "بذور التغيير" زُرعت، ولن يتم إخراس الشعوب مجدداً ولزمنٍ طويل. 

مشاريع ثقافية 
لم يُقم في سورية، وحاول قبل استقراره النهائي في قطر إعادة الصلات بين فلسطينيي  

الأراضي المحتلة في العام 1948 وعرب بقية الدول العربية. وكان هذا الفعل كسراً لتابوات إسرائيلية وعربية في آن، فإسرائيل تمنع ذلك، والأنظمة تمنع ذلك، والسبب هو الحجة ذاتها، أي التعامل مع العدو. على كل حال، يُحسب لبشارة ما خَطط له في قطر، إذ أشاد فعلاً مملكة ثقافية وإعلامية، وليس منصّاتٍ فقط. وإذا كان الجانب الإعلامي يتحدّد في إطار تأييد الثورات وتفكيك مشكلات الواقع العربي، والسوري منه خصوصاً، فإن الجانب الثقافي هو الأساس. أي نظرٍ في حالة الجامعات العربية، ومقارنتها بما يشيده بشارة من أعمال ثقافية، سيكون لمصلحة معهد الدراسات وسواه. وستستفيد قطر من سمعة الرجل ومن كل ما يُشيّده على أراضيها، لكن السؤال أين هي المشاريع الثقافية التي سُمح بها للمثقفين في عالمنا العربي؟ ربما كان الأمر متعلقاً بغيابِ قاماتٍ ثقافية، ولكن الأساس يرتبط أولاً بالاستبداد، وبمنع هذا الاستبداد أية مشاريع ثقافية وتعليمية قادرة على تفكيك الواقع العربي. وقبل ذلك، إنتاج عقول عربية قادرة على ذلك. هنا القضية الحاسمة، فكيف نشكّل عقولا بمنهجيات حديثة، وبرؤى وسياسات، والمساهمة في إتاحة الفرص أمام الشباب، ليكونوا مفكرين وباحثين ومحللين، وفي المجالات كافة. 
ليست هناك مراكز بحوث عربية جديّة، وبالتأكيد جامعاتنا، وتحديداً في المجالات الإنسانية والأدبية، ليست منشغلة بهذه القضية، وكلُّ مبدع ومفكر ومحلل تَخرجَ منها، فقد كان أمره متعلقاً به، وبجهده وبإمكاناته. وأذكر أن النظام السوري لم يحتمل مشروعاً بدأه صادق جلال العظم في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ويتعلق بإقامة أسابيع ثقافية في جامعة دمشق، فأغلق المشروع، وكذلك تمّ تهميش دور عصام الزعيم، وهو من أهم العقول العربية في مجال الاقتصاد، وله رؤى في أكثر من مجال، فكيف كان التعامل معه؛ التهميش والاتهام بالفساد! 
على كل حال، الثقافة والتعليم والأدب مجالات تتطلب كثيراً من الرعاية والدعم والتمويل؛ فالعاملون في هذه المجالات يحتاجون وقتاً كبيراً للإبداع، وهذا مما يتم تجاهله، فميزانيات الثقافة والتعليم هي الأقل بين بقية الميزانيات، وهناك رقابة أمنية دقيقة على أي نشاطات تخص الجامعات والبحث والنشر والثقافة. وفي ظل ذلك، يحقّ لعزمي بشارة أن يقول إن قطر وفّرت له فرصةً عظيمة للشغل الثقافي والتعليمي والعلمي. 

النقد والفكر 
صورة النقد في الفكر العربي، والفكر العربي ذاته، يدفعان إلى القول إن الفكر ذاته في محنة، وليس النقد وحده، فلماذا يرفض المفكر النقد، ولماذا يأتي النقد تكفيراً وتهشيماً للآخر في غالب الأحيان؟ لماذا لا يكون النقد للنص ولمرجعياته أولاً، وللسياق التاريخي الذي وجد فيه ثانياً.  

وبمعنى آخر: لماذا لا يكون النقد حوارياً أولاً، ونقضيّاً ثانياً. ربما هناك علاقة بين النقد والديموقراطية، فحين تتحقق ينفكّ العقل من قيودٍ كثيرة تُكبله، فيرى الفكر بكل تياراته كما هو، ومن دون ارتباطٍ مع الموقف من السياسة فيتسيّس. وبالتالي، يصبح الفكر مستقلاً وقادراً على الإنتاج المعرفي، وحتى بما يخص السياسة. ولكن بشكلٍ حرٍّ وحواري، وبعيداً عن روح الرفض المُسبق والعقائدي؛ جامعاتنا تشبه في أعمالها السلطات العربية، فكما الأخيرة مستبدّة، كذلك الجامعات، فليس فيها مساحة حريةٍ للعقل والبحث والتفكير والتساؤل. أيضاً هناك حالة الفكر في المجتمعات العربية، ففيها تغيب فكرة الآخر ندّا، ويحضر فقط رعيةً عليها واجب الطاعة؛ فكل آخر هو رعية، وليس مواطناً ومساوياً للآخر. 
كانت الثورات فرصة كبيرة للتعلم، للتفكير، للاعتراف بالآخر، الأنظمة قمعتها بشدة، لكنها تخلخلت كما جاء أعلاه. وبالتالي هناك أنظمة تخلخلت، وخبرات تراكمت في أذهان الشعب، وستتجاوز عقلية المعارضات، وليس الأنظمة فقط؛ فمعارضاتنا، كما ذكر عزمي بشارة تفتقد إلى "وجود ثقافة ديموقراطية"، وهذا سيتغير بالتأكيد؛ فمشكلات العالم العربي تتعقد أكثر فأكثر، ودعم الغرب الأنظمة الديكتاتورية لن يساهم في الاستقرار، بل ستكون هناك ثورات قادمة، وليس فقط انتفاضات هنا وهناك. 
يجب أن يتركز النقد الآن على تفكيك واقع ثورات 2011، ولماذا لم تنتصر، وإيلاء أهمية خاصة لأزمات البنية الاجتماعية العربية وللسلطات العربية، والتنظير للثورات المقبلة، فقراءة الواقع وتفسيره والتنظير له ستساهم في تعميم رؤى وأفكار وسياسات جديدة، وتتناول المشكلات التي تعد الأهم أمام السياسة العربية: كيف تكون الدولة علمانيةً، وغير معادية للأديان، وكيف تكون الأحزاب السياسية الإسلامية، وغير الإسلامية، وضعية وليست دينية، وكيف يمكن إعادة إنتاج مشروع عربي قومي، وغير معادٍ لبقية القوميات، وكيف يمكن مواجهة الصهيونية، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وكيف تكون الثورات قُطرية وقومية في آن واحد. وكذلك كيف يكون العرب جزءاً من العالم المتعولم، وليس في قطيعةٍ معه، على الرغم من أهمية القطع من أجل النهوض القومي، وأن يتضمن إقامة علاقة متكافئة، وليس الانكفاء والعزلة والانحطاط. وإضافة إلى الشق السياسي السابق، هناك ضرورة للبحث الدقيق في أحوال الاقتصادين، العالمي والعربي، وكيف يمكن إقامة علاقاتٍ ليست تبعية، ومتكافئة مع الاقتصادات المتقدّمة، وهل الأمر ممكن من أصله، وهل يمكن تكرار تجربتي كوريا الجنوبية والصين وسواهما، أي كيف يمكن الخروج من حالة التبعية والريعية إلى الصناعة، والنهوض العام بمجتمعاتنا. 
الفكرة الأخيرة في هذا المقال، النقد، هي المسيطرة بقوة على ندوات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وعلى التحليلات التي ينشرها تباعاً، وتحلّل آخر المستجدات العربية، وهذا تميّز حقيقي لواقع المملكة الثقافية والإعلامية التي أنشأها ويديرها عزمي بشارة منذ 2007.

 

المصدر: صحيفة العربي الجديد