تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بيان مكتب بشارة بمناسبة انعقاد المحكمة للنظر في التماس سحب مواطنته

2008-09-01

تعقد غدا جلسة المحكمة العليا الإسرائيلي بناء على التماس قدمته منظمة الليكود العالمي. ويطالب الالتماس المحكمة بإصدار امر احترازي ضد مؤسسات مختلفة منها الكنيست والشرطة ووزير الداخلية وغيرها يجبرها ان تشرح للمحكمة: أولا، لماذا لم تسحب حتى الآن مواطنته أو جنسيته الإسرائيلية الممنوحة له بالولادة في وطنه؟ وقد قدم الالتماس قبل ان ينتهي البرلمان من سن القانون الذي أعد خصيصا لسحب مواطنة مشتبه به امنيا موجود خارج البلاد، وثانيا؟ لماذا لا توقف عنه مخصصات التقاعد ولماذا لا تصادر أملاكه؟ وهي مخصصات تعتبر توفيرا يدفعه الموظف وتعاد له عمليا على شكل تقاعد حتى لو كان الموظف او العامل متهما، والمس به ليس فقط في حالة الاشتباه، بل حتى لو ادين ودخل السجن هو مس بملكية خاصة؟ وثالثا، لماذا لا تقدم لائحة اتهام ضده حتى لو لم ينته التحقيق والإجراءات القانونية التي قطعها خروجه من البلاد؟ وقد خرج النائب بشارة من البلاد حينما كان يتمتع بحصانة برلمانية تجعل من غير الممكن منعه من السفر دون رفعها.

وطبعا يستند المدعي في سرده لوقائع القضية إلى تغطية الصحافة الإسرائيلية فقط، وإلى قراءات انتقائية للقوانين، كما يستند الى رسالة مساعد المستشار القضائي للحكومة إلى مؤسسة عدالة يدعي فيها ان د. عزمي بشارة ما زال يحتفظ بعلاقات مع عناصر معادية وانه من الممكن ان تستغل هذه العلاقات لتجنيد أفراد ومعلومات لصالح حزب الله... وسبق أن نفى د. بشارة بشدة مثل هذا الكلام الذي يهدف الى ترويع الشباب العربي من الانضواء في إطار الحركة الوطنية، كما يهدف الى تحويله بالتدريج من متهم الى عنصر معادٍ. وهو الذي يدعو الشباب العربي في الداخل ودعاهم دائما بمسؤولية للابتعاد عن اي نشاط من شأنه ان يمس بسلامتهم وبسلامة الحركة الوطنية أو بقدرتها على الاستمرار والعمل السياسي في الداخل. كما استخف د. بشارة بفكرة ان يخطر بالبال أنه يعمل لصالح أحد، تنظيم أو دولة، حتى لو كان يدعمه سياسيا، أو يؤيد حقه بالمقاومة، قد تتفاوت العلاقات بين التحالف والصداقة مع الاحتفاظ بالخلاف والنقاش، ولكن شتان بين هذا وبين العمل لصالح أحد. فمن اهم محاذيره الحفاظ على استقلاليته الفكرية والسياسية التي ما زال يمارسها ككاتب وباحث، والحفاظ على استقلالية الحركة الوطنية في الداخل واستقلالية دورها وخطها.

وقد وضع اسم د. بشارة على رأس قائمة المدعى عليهم. ومن هنا فقد صدر عنه هذا البيان الذي تعتبر المقدمة أعلاه جزء منه.

1. لم تصلنا دعوة من المحكمة للرد على ادعاءات المدعي الخرقاء. ولو وصلتنا لما رددنا. فمن اهم اسباب هذا الامتناع عن المشاركة في الاجراءات القضائية الإسرائيلية في حالة د. عزمي بشارة والاعتكاف في منفى قسري هو هذا السأم وهذا الرفض للدفاع وتبرير النفس وإثبات البراءة امام من يعتبرهم ارتكبوا ويرتكبون، وبرورا ويبررون جرائم ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وغيرهما من الشعوب العربية وضد الإنسانية. فمنذ ان انتخب د. بشارة للبرلمان يجد نفسه في عملية تبرير مستمر وإثبات براءة امام تهم ما... وهنالك حد يقف الإنسان عنده للامتناع عن هذه اللعبة المهينة، فحتى الصحفي الإسرائيلي المتوسط (فيما عدا استثناءات قليلة) عين نفسه محقق وقاضي، وعليك ان تثبت براءتك امامه طيلة أيام السنة.

2.  هذه اللعبة يجب ان تتوقف، أو فإن قناعة د. بشارة على الاقل ان عليه أن يتوقف عن المشاركة فيها، خاصة وانها لم تتوقف منذ انتخب للبرلمان. وقد انزلقت في السنوات الاخيرة الى التنصت على مكالمات مع صحفيين واصدقاء وغيرهم وتفسيرها كنقل معلومات في زمن الحرب، والدفع بتهم امنية من قبل نفس الأوساط والمؤسسات التي حاولت إدانته في السابق وفشلت، وذلك بتهم متعلقة بالتعبير عن الرأي والبرنامج السياسي او التواصل مع الامة العربية. وعلينا أن نذكر انه من كان مدعيا في محاكمات سابقة ضد د. بشارة أصبح الآن قاضيا في المحكمة العليا.


3. لن يدافع د. بشارة عن حق عائلته في تلقي مخصصات التقاعد. وإذا ارادوها فليصادروها. فهم على اي حال يحتجزون توفيرات وتأمين عمل وتأمين حياة تراكمت منذ ان كان يعمل محاضرا في الجامعة.

4. لن يدافع د. بشارة عن المواطنة الإسرائيلية. إذا ارادوا فليسحبوها. ولقد درس مؤخرا  بجدية إمكانية التخلي عنها من طرفه، تماما كما استقال في حينه من البرلمان،  فهي بالنسبة له ليست اكثر من شكل البقاء في الوطن، الذي ابعد عنه في هذا المنفى بعد ان حولته الدولة الى مطلوب. ولكن اعتبارات عديدة حالت دون التخلي من طرف واحد لئلا يحصل ارتباك، ففي حين نشرح نحن لأمتنا العربية ان هذه المواطنة إنما فرضت على من بقي بعد النكبة كرخصة بقاء في الوطن، وأن جيل د. بشارة  تسلمها بالولادة، فإن العديد من أبناء شعبنا في الداخل يخلطون بسبب ظروفهم بين الوطن والمواطنة الإسرائيلية، فقد تفسر هذه الخطوة امتناعا عن العودة... كما أننا أكدنا لفترة طويلة على النضال في الداخل في إطار المواطنة ودولة المواطنين... ومع ان إسرائيل نفسها هي التي تضيق عبر قوانينها وإجراءاتها على مصدر هذا البيان إمكانية العمل في إطار المواطنة، وهي لم تتوقف لسنوان عن تفصيل قوانين خصيصا على مقاسه، فإن التخلي عنها من طرف واحد قد يفسر تراجعا من طرف واحد. من هنا لن يتخلى د. بشارة عن المواطنة من طرف واحد، ولكنه ايضا لن يدافع عنها أمامهم، ولا بواسطة محاميه... لن يسمح للمدعين ان يتشفوا بتمسكه بمخصصات التقاعد والمواطنة كأن الإسرائيلية مطلبا، في حين كان يعتبر قبولها وقبول العمل في إطارها حتى في البرلمان حلا وسطا وتسوية من قبلنا.

5. لقد نفى د. بشارة التهم الأمنية الموجهة له، وذلك ليس فقط لسخافتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بنقل معلومات لا تتوفر عنده، اما التحليل فيتوفر عنده وعند غيره، وعندما توفر التحليل والموقف لديه فقد كان يشرك فيه الجميع على منصة البرلمان وفي الإعلام أيضا. نفى بشارة رغم ان البعض يعتبر الاعتراف بمثل هذه التهم بطولة خاصة حيث يعيش حاليا في الدول العربية. لم يقم بشارة في الماضي، ولا يقوم حاليا بنشاط ذي طابع أمني. فمسؤولياته وقدراته وكفاءاته وخياراته والفائدة التي تجنى من نشاطه كلها  في مجالات اخرى، أغلبها معروف للناس.

6. لم يعد الحديث عن تلقي أموال من الخارج يستحق التعليق. فغلاة العنصريين وجهاز الامن الإسرائيلي يتهم د. بشارة بالعمل لصالح المقاومة وغيرها لدوافع فكرية وإيديولوجية. هذا ما يظهر من اقتباسهم ومتابعتهم لنشاطه وافكاره المنشورة. ولا يوجد اي ربط بين تهمة إدخال أموال إلى الداخل وبين التهم الأمنية الموجهة. ولو صح إدخال الأموال الى الداخل كتبرعات لدعم مشاريع وغيرها فهذه تهمة بنظر إسرائيل وأمر مشروع بنظرنا، فإذا اتهم بها فإن غيره يتهم بها، فجمع التبرعات في دول عربية محظور إسرائيليا. وعلى كل حال، فقد نفينا هذه التهم الملفقة. ويبدو ان الامر المشروع الوحيد هو تلقي الدعم من صناديق اميركية واوروبية وصهيونية وغيرها، ويعتبر متلقوها معتدلون.

7.  في إحدى فقرات الادعاء يستغرب مقدمو الدعوة رسالة الاستقالة من البرلمان التي قدمها النائب بشارة، خاصة حين يقول فيها انه يرغب من فترة بالتفرغ للكتابة الفكرية والأدبية. فهم يعتبرون الأمر خدعة، ويعتبرونه كما يبدو سوف يتفرغ لنوع من النشاط الأمني. ولكنه مذاك اصدر كتابين، فكري وادبي كان قد بدا بإعدادهما في الداخل. وهو ينوي الاستمرار في الوقت الذي يتفرغ فيه اولئك لكتابة دعاوى من مئات الصفحات، وسن قوانين ضده.

8. يعتبر د. بشارة منفاه مؤقتا مثل اي منفى، وأنه من السخف ليس فقط ان يسلم نفسه، بل حتى أن يشارك من المنفى في لعبة هذه قواعدها، وقد وضعت بعد ان رسمت له صورة العدو.