نبذة
ينصبّ اهتمام عزمي بشارة الفكري والبحثي أساسًا، على مجالات يمكن تصنيفها عمومًا تحت عنوان الفلسفة والمجتمع، أو الفلسفة الاجتماعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية النظرية، وهي تشمل طيفًا واسعًا من القضايا مثل الدولة، والمجتمع المدني، والدين والعلمانية، وقضايا الديمقراطية، والطائفية والهويات الجماعية، والعدالة، والحرية، والأخلاق. وجميعها يتطلب البحث فيها مقاربات متداخلة التخصصات. ويمكن القول إن غالبية كتاباته البحثية تنضوي تحت هذه المجالات، وإن كانت تنقسم إلى كتابات نظرية وأخرى تطبيقية، بمعنى تطبيق أفكاره النظرية في الفلسفة الاجتماعية في مجالات مُحدَّدة مثل الثورات العربية أو القضية الفلسطينية، وما سماه المسألة العربية، وفي الإجابة عن أسئلة محددة قد تكون ناجمة عن الممارسة الاجتماعية والسياسية.
يستخدم بشارة في كتاباته مناهج نظرية علمية، وهذا الاستخدام، إضافة إلى عدم الانتقائية في اختيار المعطيات، هو أساس الموضوعية في نظره. أما الحياد، فليس منهجًا علميًّا عنده، بل موقف، وهو موقف لاأخلاقي قد يتحول إلى غير أخلاقي. وبشارة منحاز إلى قيم المساواة والحرية، ويعتبرهما في تفاعلهما عبر التاريخ مكونَي العدالة التي ينحاز إليها، وقد جاء في مقدمة كتابه قضية فلسطين: مسائل الحقيقة والعدالة (2024) ما يلي:
"فالموضوعية لا تُعرَّف بعدم الانحياز الأخلاقي للباحث، بل تُعرَّف بالمنهج العلمي، كما أنها جهد واعٍ لتجنّب الانتقائية والسماح للأحكام القيمية والاتجاهات الأيديولوجية في التأثير في عمليات التفكير المنطقي بالاستقراء والاستدلال. وإذا بدا النهج الذي يدعي الموضوعية منحازًا، فهذا يرجع ببساطة إلى أنه ينطلق من اعتبار أن من وظائفه تفسير الظواهر بمنهج علمي، والتمييز بين الوهم والخيال، والأكاذيب والحقائق. وهو معدّ سلفًا للبحث عن الحقيقة ومنحازٌ إليها. أما الحياد، فهو اعتقاد واتجاه ووجهة نظر، وليس منهجًا علميًا، إنه موقف سالب، وربما حتى سلبي، لا يقوم على التحيّز والاصطفاف، إنه موقف لاأخلاقي. وعندما يعبَّر عنه في النأي بالنفس والحياد بين الظالم والمظلوم، والمحتل والرازح تحت الاحتلال، يصبح الموقف اللاأخلاقي موقفًا غير أخلاقي. ولستُ بمدعٍ الحياد بشأن الأحكام القيمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية أو أي قضية عادلة أخرى".
تشمل كتابات بشارة الرئيسية التي قدم فيها إسهامات نظرية، أي لم يكتفِ فيها بالنظريات القائمة في العلوم الاجتماعية والإنسانية كما وردت من الأكاديميا الغربية، كتاب المجتمع المدني: دراسة نقدية، الذي ألّفه في الأعوام 1995-1996 وصدر في نهاية عام 1996، وصحّح فيه الفهم الرائج للمجتمع المدني، متتبعًا تاريخ المفهوم وتحولاته من التطابق المفهومي مع الدولة في الانتقال من الحالة الطبيعية إلى الحالة المدنية مرورًا بالتمايزات بين المجتمع والدولة والتطابق بينه وبين المجتمع البرجوازي، وأخيرًا التمايز بين المجالات الاجتماعية والسياسية خلال التفاعل بين المجتمع والدولة الديمقراطية، ومتوصلًا إلى الفهم التاريخي الأدق له في هذه المرحلة. ويرى بشارة أنه استكمل هذا الكتاب بعد أكثر من ربع قرن في كتابيه حول الدولة: أولهما بعنوان مسألة الدولة: أطروحة في الفلسفة والنظرية والسياقات الذي صدر عام 2023، وثانيهما بعنوان الدولة العربية: بحث في المنشأ والمسار الذي صدر عام 2024. ويتضمن هذان الكتابان إسهامًا نظريًّا وفلسفيًّا في فهم الدولة، وتطبيقًا لهذا الإسهام على نشوء الدولة العربية وبنيتها. وتتلخص أطروحات بشارة في نظرية الدولة بأن الدولة الحديثة نشأت من خلال صيرورة تمايز المجال السياسي عن غيره من المجالات وإخضاعها له، بما في ذلك المجال الديني، إلى جانب توحيد جهاز العنف واحتكاره بيد سلطة مركزية، ومأسسة جباية الضرائب، ونشوء جهاز بيروقراطي، وترسيم الحدود الترابية بين الدول. وينطلق من أن هذه الصيرورة ميّزت نشوء الدولة الحديثة في أوروبا، في حين أن الدول لم تعد تمرّ بكامل هذا المسار بالضرورة، بل أصبح هناك نموذج للدولة، وقد يفرض جاهزًا، بغض النظر عن مسار نشوئها التاريخي؛ ما يؤدى إلى خلق صراعات وتفاوتات ثقافية وسياسية. وإن ما يُميّز الدولة الحديثة هو مبدآ السيادة والمواطنة؛ أي التمايز بين مؤسسة الحُكم والحُكّام، وبين نظام الحكم والدولة، وقيامها على المشترك ما بين الحُكّام والمحكومين بدلًا من خضوع المحكومين للحُكّام كما في الدول القديمة. ويأتي إسهام بشارة في أطروحاته بشكل خاص في أن الدولة في العالم العربي لم تعد تنشأ عن استيلاء عصبيات قبَليّة على الحكم، على الرغم من أن بعض النظم الحاكمة ما زالت تستثير عصبيات لترسيخ سلطتها. ثم إن مصطلح سيادة الدولة لم يعد يعني سيادة الحاكم وسلطته العليا، بل المواطنة، فهي الوجه الآخر للسيادة، ومن المفترض أن تكون من ضمن العناصر الأساسية في تعريف الدولة الحديثة. والوصول إلى التمايز بين الانتماء إلى الدولة من خلال المواطنة والانتماء إليها من خلال الجماعة هو عملية نشوء أمة المواطنين، أمة الدولة. وهو ما سبق أن تطرق إليه في كتاب في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي (2007)، ولكنه يبلوره نظريًا في هذا الكتاب المتأخر نسبيًا. ويؤكد أنه لا يجب أن تُفهم الدولة من خلال مبدأ واحد، كما الأيديولوجيات، وأن عملية تأسيس الدولة الحديثة ليست بنشوء كيان ترابي واحتكار العنف الشرعي فقط، بل بوجود مؤسسات تنظم مجالات الحياة المختلفة أيضًا، من دون استخدام العنف، وتكون سيادتها بامتلاكها القدرة على التشريع وفرضه داخل حدودها. والتطور التاريخي يُظهر أن سيادة القانون هي الأقرب إلى مفهوم السيادة. والدولة الحديثة لا تساهم بمفردها في السيادة، بل تنشأ ضمن منظومة دول تتبادل الاعتراف بالسيادة بهدف الحفاظ على إطار الدولة ووجودها. ويرى أنه ثمّة توتر إيجابي بين مفهومَي السيادة والمواطَنة؛ فالأخيرة توصف بأنها الوجه الآخر للسيادة، إذ هي حقوق وواجبات تنظم العلاقة بين الفرد والدولة، وأن التوتر بين مفهوم الدولة الحديثة وواقعها يسهم في فهم تطوّر الدولة واتجاهه. وقد طبق بشارة هذه النظرية في دراسة نظرية تاريخية في نشوء الدولة العربية بدءًا من فصل موسّع حول مرحلة التنظيمات العثمانية وأثرها في الدولة العربية، وصولًا إلى استعراض نماذج لنشوء خمس دول عربية هي: مصر وسورية والمغرب وتونس والجزائر.
عالج بشارة موضوع الدين والعلمانية في كتابه الدين والعلمانية في سياق تاريخي (جزآن في ثلاثة مجلدات، الجزء الأول صدر عام 2013، والجزء الثاني عام 2015) الذي تحوّلت مقدمته إلى الجزء الأول ويتضمن بحثًا معمقًا في الدين والتديّن مبيّنًا فهمه للدين، وتعريفاته مشددًا على عنصر الإيمان العرفاني في مقابل الإيمان المعرفي الذي يؤثر فيه التطور العلمي، والتمييز بينه وبين التدين بوصف الأخير ممارسة اجتماعية للدين. وقد توصل فيه إلى قناعة أن فهم الدين يتطلب فهم تميزه في عصرنا، وهذا يقتضي فهم أنماط التدين، أي أنماط الممارسة الاجتماعية للدين، وعملية العلمنة بما هي صيرورة تتفاعل على نحو مباشر مع أنماط التدين ودرجة التدين في المجتمعات المختلفة. العلمنة هي عملية تمايز بين الديني والدنيوي يجري فيها حصر الأول في مجالات محددة، وذلك من خلال مسارين أساسيين: المسار الأول هو مسار تغليب العقل والمعرفة العلمية في فهم الطبيعة والجسم الإنساني والمجتمع وإقصاء الديني من عملية الفهم هذه وما يترتب عليها من ممارسات، أما المسار الثاني فهو التمايز بين الديني والسياسي في الدولة. واستعرض في المجلد الأول من الجزء الثاني، بعنوان العلمانية والعلمنة: الصيرورة الفكرية،تاريخ العلمنة الفكرية والثقافية في الغرب وفيه استعراض شامل للتطور الفكري في الغرب، وبحث في المجلد الثاني من الجزء الثاني، بعنوان العلمانية ونظريات العلمنة، أنواع العلمانية السائدة في نُظم الحُكم في العالم الغربي وتطوّرها؛ أي إنه تناول مسارَي العلمنة المتداخلين: العلمنة المعرفية وعلمنة الدولة. وكان المفترض أن يصدر الجزء الثاني في مجلد واحد، ولكن تبين خلال البحث أن ثمة حاجة إلى مجلدين، لذا استمر في تصنيفهما بوصفهما الجزء الثاني. وكان الدافع لتأليف هذا الكتاب دحض فكرة وجود علاقة توافق أو تعارض بين الدين والديمقراطية، واستبدال موضوع الديمقراطية وأنماط التدين بهذا الموضوع. وقد قطع الدكتور بشارة شوطًا في دراسة هذا الموضوع في حالة الإسلام، نافيًا وجود علاقة تعارض أو توافق بين الإسلام والديمقراطية معتبرًا السؤال وهميًا؛ فالمسألة متعلقة بـأنماط التدين والظروف الاجتماعية والتاريخية، متوصلًا إلى وجود حاجة إلى دراسة نظرية في الدين والعلمانية قبل ذلك. وهذا ما دفعه إلى تأليف هذا الكتاب.
وقد وعد المؤلف قرّاء الكتاب بإصدار مجلد رابع (جزء ثالث) حول تطوّر عملية العلمنة في الحضارة العربية الإسلامية، ولكنه لم يتمكن من التفرغ لهذا الكتاب، لأن انشغالات أخرى بحثية وغير بحثية ظلّت تلح عليه. وهو يواصل التحضير له عبر دراسة تاريخ الخلافة الإسلامية وقضايا أنماط التدين الإسلامي والديمقراطية التي دفعته إلى تأليف كتاب الدين والعلمانية في الأصل.
لقد انقطع الكاتب عن تأليف المجلد الرابع من هذا الكتاب، الذي يعده بعض الباحثين مؤلفه الرئيس، بسبب تفاعله مع الواقع وما تطرحه التطورات في مجال الفكر من مسائل تدفع إلى الكتابة في مواضيع أخرى، صدرت فيها عدة كتب، رأى بشارة أنه ثمة نقص في معالجة موضوعاتها نظريًّا، وأهمها كتابه الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة (صدر باللغة العربية عام 2018، وباللغة الإنكليزية عام 2021 بعنوان Sectarianism Without Sects عن دار نشر جامعة أوكسفورد)، والذي برزت فيه فرضية الكتاب الرئيسة حول أن الطائفية تُشكِّل طوائف متخيلة، وأنه في الواقع العربي المعاصر في الدولة الحديثة لم تعد الطوائف تنتج الطائفية، بل أصبحت الطائفية (الحركات والأيديولوجيات) تنتج الطوائف بصيغة جماعات متخيلة عابرة للحدود.
ومن ضمن كتبه الفكرية واهتمامه بموضوع الدين والعلمانية، أصدر كتابه عن السلفية بعنوان في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟ عام 2018، الذي تُرجم إلى اللغة الفرنسية بعنوان Qu’est-ce que le salafisme?عام 2021، وصدرت منه نسخة محدّثة باللغة الإنكليزية بعنوان On Salafism: Concepts and Contexts عام 2022 عن دار نشر جامعة ستانفورد. وجاء هذا الكتاب الذي كان يفترض أن يكون مقدمة نظرية لكتابه بعنوان تنظيم الدولة المكنى ’داعش‘: إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة (2018)، لكنه فضّل إصداره في كتاب منفصل عن كتاب تنظيم بسبب تحول المقدمة إلى دراسة مستقلة، وأيضًا خشية أن ينشأ انطباع أن تنظيم الدولة ما هو إلا اشتقاق طبيعي من السلفية والوهابية في نوع من تاريخ الأفكار.
وقد أصدر بشارة كتبًا نظرية تاريخية حول الثورات العربية، أولها كتاب في الثورة والقابلية للثورة (2012)، وكتاب الثورة التونسية المجيدة: بنية ثورة وصيرورتها من خلال يومياتها (2012)، ثم كتاب سورية: درب الآلام نحو الحرية، محاولة في التاريخ الراهن (2013)، وكتاب ثورة مصر (2016)، بجزأيه الأول: من جمهورية يوليو إلى ثورة يناير، والثاني: من الثورة إلى الانقلاب. وبعد مرور عشر سنوات على اندلاع الثورات العربية، أصدر بشارة كتبه الثلاثة هذه باللغة الإنكليزية عن دار نشر I.B. Tauris، ضمن ثلاثية الثورات العربية، والتي تُعدّ مُساهمة تحليليّة نظريّة إضافة إلى كونها تأريخًا وتوثيقًا للثورات العربية التي اندلعت عام 2011 في ثلاث دول عربية (تونس، ومصر، وسورية):
Understanding Revolutions: Opening Acts in Tunisia (2021); Egypt: Revolution, Failed Transition and Counter-Revolution (2022); Syria 2011-2013: Revolution and Tyranny before the Mayhem (2023).
ضمن انشغال المؤلف بموضوعات الديمقراطية والدولة والمجتمع المدني، صدر له كتاب مهمّ اتبع فيه تحليلًا نظريًا وتطبيقًا مقارنًا، هو كتاب الانتقال الديمقراطي وإشكالياته: دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة (2020)، الذي سيصدر باللغة الإنكليزية أيضًا. واستعرض بشارة في هذا الكتاب جميع نظريات الانتقال الديمقراطي بما فيها النظرية الحداثوية وانتقدها، واستخلص من النماذج العربية مساهمات نظرية مهمة. ومن خلال استنتاجاته بشأن أهمية الدولة في الانتقال الديمقراطي، بدأ مباشرة بتأليف كتابيه عن الدولة؛ مسألة الدولة والدولة العربية. وفي سياق التفكير في عوائق نشوء الديمقراطية والانتقال إليها، صدر له كتاب بعنوان في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟ عام 2019. وقد عالج فيه مسألة الشعبوية من منظور الأزمات الدورية للنظام الديمقراطي، وجدلية العلاقة بين المشاركة الشعبية والمبادئ الليبرالية، مبينًا أن الديمقراطية تطورت من خلال هذه الأزمات المتكررة إذا كانت مؤسساتها قوية بما فيه الكفاية، وصمدت في مقابل خطر الشعبوية. كما دفعه هذا إلى معالجة موضوع الثقافة السياسية وأهميتها، وهو يتقاطع مع اهتمامه بموضوع الديمقراطية وأنماط التدين.
وصدر له عام 2017 كتاب بعنوان الجيش والسياسة: إشكاليات نظرية ونماذج عربية، وكان قد أصدر في عام 2007 كتابًا بعنوان في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي. وكتب مقدمة الترجمة العربية لكتاب بندكت أندرسن: الجماعات المتخيَّلة: تأملات في أصل القومية وانتشارها، التي صدرت عام 2009 عن دار قدمس في دمشق.
أصدر بشارة كتابًا فلسفيًّا مكثفًا حول مفهوم الحرية، بعنوان مقالة في الحرية (2016). وصدرت له معالجات فلسفية أخرى مثل مقالته الطويلة حول مفهوم العدالة بعنوان "مداخلة بشأن العدالة: سؤال في السياق العربي المعاصر"، التي نُشرت في دورية تبيّن للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية عام 2013، ومقالته عن الهوية بعنوان "تأملات في مسألة الهوية" في دورية تبيّن في عام 2022، ومقالته عن إشكالية مناهج البحث، التي قدمها في افتتاح مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية (22-24 آذار/ مارس 2019)، بعنوان "في أولوية الفهم على المنهج"، ونُشرت في دورية تبيّن عام 2019. وقد كتب بشارة مقدمة فكرية فلسفية لترجمة كتاب زيغمونت باومان الحداثة والهولوكوست الذي صدر عام 2019 عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
ومن ضمن اهتمام بشارة بالقضايا التي يعتبرها قضايا العدالة في إطار الهموم الوطنية إصدارُه عدة كتب، آخرها كتاب قضية فلسطين: أسئلة الحقيقة والعدالة (2024)، وهو ترجمة لكتابه الصادر باللغة الإنكليزية Palestine: Matters of Truth and Justice (2022) عن دار نشر هيرست Hurst Publishers. ولأن كتاب قضية فلسطين صدر أولًا باللغة الإنكليزية قبل حرب غزة الأخيرة، والترجمة العربية صدرت بعد الحرب، قرر بشارة أن يضيف إليه كتابًا، صدر معه بالتوازي بعنوان الطوفان: الحرب على فلسطين في غزة (2024)، يتناول الحرب الإسرائيلية على غزة وخلفياتها، ومن ضمنه مقالة مطوّلة تتعلق بالقضايا الأخلاقية في أزمة الحروب كان قد نشرها أثناء الحرب على غزة.
نشر بشارة قبل أن يغادر فلسطين قسريًّا عام 2007 كتبًا متعلقة ببنية الدولة اليهودية وواقع عرب الداخل أهمها: الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي: تحليل في خضم الأحداث (2002)؛ لئلا يفقد المعنى: مقالات من سنة الانتفاضة الأولى (2002)؛ العرب في إسرائيل: رؤية من الداخل (2000)؛ الخطاب السياسي المبتور ودراسات أخرى (1998)؛ طروحات عن النهضة المعاقة (2003)؛ وكتاب من يهودية الدولة حتى شارون: دراسة في تناقض الديمقراطية الإسرائيلية (2004) الذي يعالج فيه بنية الدولة والمجتمع في إسرائيل.
رأى بشارة منذ وجوده في فلسطين، أستاذًا للفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت لمدة عشر سنوات (1986-1996)، وبعد ذلك مشاركته في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي وقيادته وتمثيله في البرلمان الإسرائيلي منذ عام 1996 وحتى عام 2007، أن المثقف العربي الباحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، مهما كانت أهمية إنتاجه الفكري، لا يملك، خلافًا للمثقف في الدول المتطورة، رفاهية عدم التورط في الممارسة الاجتماعية والسياسية في ظروف التخلف والاستبداد القائمة.
لقد أسهم بشارة في النضال الوطني منذ نعومة أظفاره؛ فكان أول رئيس للجنة القطرية للطلاب الثانويين العرب عام 1974، كما أسهم مساهمة فعالة وقيادية في الحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الإسرائيلية. ورأى أن من واجبه، بعد عودته من الدراسة في ألمانيا وعمله أستاذًا في جامعة بيرزيت، المشاركة في النضال والانخراط في قضايا شعبه بما يتوافق مع المبادئ التي يؤمن بها، بالانخراط في الانتفاضة الأولى والعمل على إعادة تأسيس الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني، حيث شارك في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي وقيادته وتمثيله في البرلمان الإسرائيلي في الفترة 1996-2007، وتأسيس المؤسسات العديدة التي لا ترتبط بشخص مؤسسها، بل تتابع المهمة من بعده، ومن ضمنها مجموعة مؤسسات ما زالت فاعلة في فلسطين.
وبعد خروجه من فلسطين ملاحقًا من السلطات الإسرائيلية، واستقراره في دولة قطر، عمل بشارة على تأسيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2010 وأصبح مديرًا له، ولاحقًا معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي انطلقت الدراسة فيه عام 2015، ويرأس مجلس أمنائه. ولاقى تأسيس هاتين المؤسستين ترحيبًا ودعمًا من دولة قطر. وأصبح المركز العربي للأبحاث من أهم مراكز البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية في الوطن العربي والشرق الأوسط عمومًا، وتوسعّ وتأسست له فروع في عواصم عربية وأجنبية (بيروت وتونس وفرنسا وواشنطن)، ويصدر المركز كتبًا بحثية علمية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، وينشر دوريات أكاديمية مُحكّمة مثل سياسات عربية التي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وعمران للعلوم الاجتماعية، وتبيّن للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، وحِكامة التي تُعنى بالسياسات العامة والإدارة العامة، وأسطور للدراسات التاريخية، واستشراف للدراسات المستقبليّة، والمنتقى التي تُعنى بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، باللغة الإنكليزية، إضافةً إلى تنظيم مؤتمرات علمية تُنتج دراسات متخصصة حول القضايا السياسية والفكرية العربية. وقد أسس المركزُ معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي تتواصل عملية تأليفه منذ أحد عشر عامًا، وتم تدشين بوابته الإلكترونية في عام 2018 ليكون الوصول إلى محتواه متاحًا لجميع مستخدميه عبر الإنترنت، ويتوقع أن ينتهي العمل عليه في نهاية عام 2025. ويقود بشارة حاليًا مشروعًا كبيرًا آخر هو الموسوعة العربية "أرابيكا"، وقد فرغ مؤخرًا من تأليف بعض المداخل لهذه الموسوعة، ومنها المداخل التالية: الليبرالية، والعداء للسامية، وماركس. وهو يعمل على تأليف مداخل أخرى.
ويقدم معهد الدوحة للدراسات العليا، برامج الماجستير والدكتوراه في العلوم الاجتماعية والإنسانية والإدارة والسياسات العامة (المحاضرة الافتتاحية للعام الجامعي 2017/ 2018 في معهد الدوحة للدراسات العليا، بعنوان: "معهد الدوحة: تحديات أمام العلوم الاجتماعية والإنسانيات في السياق العربي"). والمركز والمعهد هما مؤسستان بحثيتان أكاديميتان مستقلتان تحظيان باعتراف دولي وتعززان مكانتهما العلمية باستمرار.
أشرف بشارة على تأسيس مؤسسات أخرى من ضمنها مؤسسات إعلامية تعمل على رفع راية المهنية الإعلامية والانحياز إلى الحقيقة، كما يقول، وتجعل قضايا الإنسان في مركز اهتمامها. وباتت هذه المؤسسات تحتل مكانة مهمة وتؤدي دورًا تنويريًّا رئيسًا في تقديم المعلومة ومساندة حرية التعبير، وتقديم فضاء حرّ للحوار العقلاني واحتضان الإنتاج الثقافي الأدبي والفني الراقي.
القضية
د. عزمي بشارة: مقال النائب د جمال زحالقة بمناسبة مرور 7 سنوات على منفاي.
- ليفين: بشارة عدو دولة إٍسرائيل
- زئيف: بشارة أسس حزب التجمع الذي يدعم الإرهاب
- زعبي: لا تستطيعون مواجهة التحدي الديمقراطي السياسي الذي فرضه عليكم
- زحالقة: الكنيست ت
كلمات عن عزمي بشارة
عوض عبد الفتاح - أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي
الكاتب: د.رمضان عمر
المصدر: المركز العربي للدراسات والابحاث
الكاتب: د. رمضان عمر
المصدر: المركز العربي للدراسات والابحاث