تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاستيطان وخيارات الفلسطينيين

2009-09-27

قضية الاستيطان والعلاقات الأميركية الإسرائيلية

ليلى الشايب: مشاهدينا السلام عليكم وأهلا بكم إلى لقاء اليوم، ضيفنا اليوم هو المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة. دكتور عزمي مواكبة للأحداث نبدأ بمحاولات المستوطنين اليهود اليوم اقتحام الأقصى، عملية أوقعت 17 جريحا في صفوف الفلسطينيين، هل الأقصى حقا في خطر؟

عزمي بشارة: طبعا الأقصى كرمز وموقع ديني وكحرم شريف ولكن أيضا مجمل القدس، أنا بالنسبة لي القدس كلها أقصى وفلسطين كلها قدس، من هذه الناحية ليست لدي تراتبية بالأهمية ولكن نعم القدس تعني الكثير لي ولغيري من أبناء الأمة ومن أبناء الشعب الفلسطيني. وأنت ترين أن المستوطنين يتشجعون من هجوم نتنياهو على أمم العالم بهذه العنجهية والكبرياء وهذا التساهل مع نبرة نتنياهو ليقتحموا باحات الحرم القدسي الشريف ولكن الجرحى يقعون في صفوف الفلسطينيين وليس في صفوف المقتحمين يعني في النهاية ليس لدى الأقصى من يدافع عنه سوى هؤلاء الذين يعيشون في أكنافه يصعدون للدفاع عنه ولكن هم بأيدي عارية وصدور عارية أمام دولة الاحتلال التي تقف وراء المستوطنين الاستفزازيين.

ليلى الشايب: المستوطنون ذكرت دكتور عزمي يتشجعون بنتنياهو بالمطلق ولكن هل يمكن ربط هذا العمل اليوم ربطا مباشرا بالتطورات الأخيرة فيما يتعلق بالاستيطان والنهج الذي يتمسك به نتنياهو في موضوع الاستيطان؟

عزمي بشارة: طبعا ليلى يعني الموقف الإسرائيلي الرسمي كان موقفا يتبنى خطاب المستوطنين طبعا كل الكلام حول تجميد الاستيطان هو ذر للرماد في العيون، لا يوجد تجميد للاستيطان، إذا راجعت التاريخ تاريخ الاستيطان في العقود الأخيرة لوجدت أن أغزر السنوات استيطانا هي السنوات التي أعلن فيها تجميد الاستيطان، لا يوجد تجميد استيطان في دولة تقوم على التخطيط والبناء وتخطط لعشرين عاما للأمام ثم تستثني ما هو مخطط له من التجميد، أي.. عن أي.. وهذا كلام يسمعه الناس وأنا متأسف أن أقول إن الإعلام العربي ساهم بما فيه كل وسائل الإعلام -لا أستثني أحدا- ساهم في ترويج مقولة تجميد الاستيطان كأنها خبر رئيسي وتعليقات وما رأيك و.. وفي النهاية ما الذي حصل؟ رأيت أن الخلاف في إسرائيل هو ليس على تجميد الاستيطان ولكن على إعلان تجميد الاستيطان يعني اليمين الإسرائيلي يرفض حتى الإعلان بدون تجميد لأنه يمس بحقه الأيديولوجي الشرعي، بين قوسين، بالاستيطان ولذلك لا يريد حتى أن يعلن تجميد الاستيطان، في حين ميتشل وأوباما توسلهم أن يعلنوا على الأقل -دون أن يجمدوا بالفعل- أن يعلنوا تجميد الاستيطان ليستطيع أن ينقذ ماء وجهه أمام العرب وينقذ ماء وجه الزعماء العرب الذين يريدون التحرك ببعض مبادرات حسن النية..

ليلى الشايب (مقاطعة): معنى ذلك دكتور عزمي حتى الآن..

عزمي بشارة: فقط أربطها مع القدس ليلى، هذا عدم تجميد الاستيطان واستمراره مركز الثقل فيه الآن هو منطقة القدس، في الحرم حول الحرم في القدس الغربية عموما، في القدس الشرقية يعني بالمجمل يتم خلق واقع، أمر واقع في القدس تتحول فيه المدينة العربية إلى حي عربي إلى غيتو إلى معزل في داخل مدينة يهودية كما فعلوا مع يافا واللد والرملة وعكا وغيرها مما يسمى، مما بات يسمى المدن المختلطة وهم لا يأبهون يعني يفعلون ذلك هذه الممارسة الاستعمارية على الأرض ثم يصعد وبكل تبجح وبكل عنجهية يوبخ دول العالم أنها.. سمعت خطابه على كل حال أو آمل أن يكون غالبية المستمعين يعني مطلعين على الأقل، لا أدعوهم لسماع خطابه ولكن على الأقل مطلعين على هذه النبرة التي خاطب فيها العالم والتي هنأه اليمين الإسرائيلي عليها. وأنا باعتقادي نعم هناك علاقة بين هذا الموقف المتحدي الذي يربط عرض الحائط بحتى توسل الإدارة الأميركية وهذه الثقة بالنفس من المستوطنين للصعود إلى حرم الأقصى.

ليلى الشايب: طيب على ذكر التوسل وحتى غلبة الأميركيين ممثلين بأوباما، فشل مساعي ميتشل الأخيرة وفشل أوباما حتى في ثني نتنياهو عن تعنته فيما يتعلق بسياسة الاستيطان، هل يمكن أن يؤثر في العلاقة الإستراتيجية طويلة الأمد بين إسرائيل والولايات المتحدة؟

عزمي بشارة: لا، لا أعتقد ذلك لأن العلاقة الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تتأثر بالمشاكسات الإسرائيلية أو بما يمكن تسميته خلافات في وجهات النظر بين حليفين خاصة أن الأمور تخطط لأربع سنوات ثم انتخابات وكل رئيس يحسب للانتخابات القادمة، وأن العلاقة ليست مزاجية ولا هوائية وإنما علاقة راسخة إستراتيجيا ومصلحيا وراسخة في السياسة الداخلية الأميركية وراسخة فكريا وأيديولوجيا وأمور أخرى كثيرة ولذلك لا تتأثر بمثل هذا وإنما تتأثر إذا تأثرت مصالح الولايات المتحدة، ومجرد تحدي نتنياهو لباراك أوباما دون أن يحول العرب هذا التحدي إلى إزعاج للمصالح الأميركية باتخاذ خطوات بوجود إستراتيجية عربية لن تتأثر العلاقات يعني هذا سوء تفاهم بين الأب والابن -دون أن أحدد الآن من هو الأب ومن هو الابن، لكن سوء تفاهم في العائلة- طبعا هو سوء تفاهم -لا أنكر ذلك- ولكنه في داخل العائلة، إذا ما استثمر من قبل قوى خارجية تتأثر المصالح الأميركية، إذا لم يستثمر لن يؤدي إلى شيء. إن العرب الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة ستقوم بالضغط على إسرائيل وكل هذه المصطلحات التي أعتقد الناس تتصورها تصويريا يعني عملية ضغط كأنه فيزيائي أو إلى آخره، هذا وهم، هذا خيال، الولايات المتحدة تتأثر إذا تأثرت سياساتها ومصالحها بوجود قوى لديها إستراتيجيات مواجهة لإسرائيل، دون ذلك نبقى منشغلين بأخبار، بخبر نتنياهو كذا وكلنا نصبح معلقين بدل ما نكون فاعلين سياسيا، يصبح الرئيس العربي ومؤخرا سمعت وزير خارجية عربي يفسر يعني يعلق يعني هو لا أعتقد وزراء الخارجية وظيفتهم التعليق والتفسير لخطابات الرؤساء يعني يجب أن يكونوا أصحاب قرارات فاعلة وإستراتيجيات وكذا إلى آخره، تحول العرب إلى معلقين إلى مفسرين لخطاب أوباما بقدرة قادر!

ليلى الشايب: على ذكر خطاب أوباما، مجرد تأكيده أمام الأمم المتحدة في خطابه الأخير على أن المستوطنات غير شرعية هل يعني ذلك شيئا سواء بالنسبة للإسرائيليين أو بالنسبة للعرب؟

عزمي بشارة: هذا موقف أميركي تقليدي يعني هنالك موقف أميركي..

ليلى الشايب (مقاطعة): طالما لم يترجم إلى فعل بالنسبة لك يعني..

عزمي بشارة: الموقف الأميركي -ليلى- الرسمي حتى سفارة لا يوجد في القدس، السفارة في تل أبيب وكل مرة الكونغرس يقرر نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس البيت الأبيض يعارض، حتى البيت الأبيض اللي جالس فيه بوش لا يقبل بقرار الكونغرس نقل السفارة للقدس، الموقف الرسمي الأميركي الرسمي الشكلي الشكلاني هو أن الاستيطان غير شرعي بما فيه في القدس ولكن على مستوى التنفيذ ما يجري هو تواطؤ أميركي مع سياسات التوسع والاستيطان الإسرائيلية، إذا..

ليلى الشايب (مقاطعة): حتى مع إدارة أوباما الجديدة؟

عزمي بشارة: نعم، إدارة.. هل انسحب أوباما من ورقة التفاهمات والتطمينات التي أرسلها بوش لشارون عام 2004 والتي فيها يقول بوش إنه يتفهم أنه لا يمكن الانسحاب إلى خطوط 4 حزيران 100% وأن الكتل الاستيطانية الرئيسية على طول الحدود وفي القدس هي أمر يجب أخذه بعين الاعتبار وأصبح أمرا واقعا؟ لم ينسحب من الاتفاق، ولا أعتقد أنهم عندما يفاوضون إسرائيل ويتحدثون عنها يتحدثون عن انسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران بما في ذلك في القدس، لا أحد يتحدث. إذاً رسميا شكليا الاستيطان غير شرعي، عمليا يتم التواطؤ بالسلاح والمال والشركات والاقتصاد واستيراد البضائع في كل شيء مع المشروع الاستيطاني نفسه في الضفة بما في ذلك صناعاته بما في ذلك جامعته الموجودة في آرإيل، ولذلك لا يوجد أي تحرك عملي حقيقي سوى مرة واحدة -تذكرين- سقطت بعدها حكومة إسحق شامير عندما قرر جورج بوش الأب وجيمس بيكر وقف القروض إلى آخره، لأنه أحرج وضعهم عربيا بعد حرب شنوها عربيا على دولة عربية كانوا بحاجة إلى كسب تعاطف الرأي العام العربي كانوا في حرب حقيقية ولذلك في حينه أظهروا نوعا من الحزم مع إسرائيل وسقط إسحق شامير في حينها ولكن عدنا، الاستيطان توسع أكثر من الضعف منذ تلك الفترة.

ليلى الشايب: دكتور عزمي عدنا ولكن ربما لهجة الخطاب الإسرائيلي تغيرت شيئا ما، كيف نفهم في هذا السياق تأكيد أحد المسؤولين الإسرائيليين مؤخرا على أن العلاقة الأميركية الإسرائيلية أصبحت يعني تضغط على إسرائيل أكثر مما تخدم إسرائيل وبالتالي على إسرائيل أن تبحث على بدائل أخرى في أفريقيا في آسيا؟ فعلا نريد أن نفهم.

عزمي بشارة: نعم هذا يعني جيد ولكن أريد أن أقول إنه في يوم من الأيام كان هنالك رجل اسمه شارون حوكم أو.. متأسف، اتهم بمجلة التايم أنه تخريبي وإرهابي وكذا وكان يعتبر أنه وطني إسرائيلي وأن الامتحان للوطنية الإسرائيلية هو عدم قبول الاستعمار الأميركي لإسرائيل وإسحق شامير من نفس نمط التفكير، هنالك أنماط من الإسرائيليين ذوي الكبرياء القومي في اليمين الإسرائيلي الذين يعتقدون أنهم هم يصنعون معروفا مع الولايات المتحدة وأن العلاقة الأميركية الإسرائيلية هي علاقة ارتباط واعتماد لا يجوز أن تستمر بهذا الشكل، كلهم بدون استثناء عندما يصلون إلى الحكم يعرفون أن هذا كلام معارضة لتهويش الرأي العام ومن أجل الهستريا الشوفينية وأنهم لا يستطيعون أن يغضبوا الولايات المتحدة بمقدار أو مثقال ذرة، في النهاية شارون اعتبر أن العلاقة مع الولايات المتحدة أمر لا يجوز العبث به، نتنياهو استفاد من تجربته وهو يساير باراك أوباما في النهاية يعني يحاولون أن يأخذوا ويعطوا ولكن يقفون عند مصالح إسرائيل الحيوية ويحاولون عبر علاقاتهم وإستراتيجيتهم في الولايات المتحدة أن يدافع عنها لأن لديهم إستراتيجية ولكن لا يعبثون بمسألة أولوية العلاقة الأميركية الإسرائيلية على المدى البعيد بما فيه اليمين بما فيه نتنياهو عندما يكون في الحكم، عندما يزاود خارج الحكم هذا أمر آخر، كلهم يعرفون أن إسرائيل بدون العلاقة الأميركية الإسرائيلية كلام فارغ.

خيارات الفلسطينيين ومواقف الدول العربية

ليلى الشايب: أمام هذا الوضع العجز الدولي عن ثني نتنياهو عن سياساته ما المتاح أمام الفلسطينيين؟

عزمي بشارة: شوفي هي أمام الفلسطينيين إذا سألنا الأمر أمام الفلسطينيين وحدها نقع في أخطاء كثيرة..

ليلى الشايب: أمام العرب؟

عزمي بشارة: نعم، لأنه يعني برأيي آن الأوان وحتى إذا أردت يعني أن أتكلم عن أسوأ حالات الانحطاط العربي بأعلى درجات التهذيب -ويعني يجب أن نحاول ذلك رغم كل شيء- يجب أن نؤكد على هذه النقطة، إن تحويل قضية فلسطين من قضية العرب إلى قضية الفلسطينيين تنتج ما نراه..

ليلى الشايب (مقاطعة): ألم تعمل وتسعى إسرائيل لذلك دكتور عزمي؟

عزمي بشارة: طبعا، طبعا، أولا إسرائيل سعت لذلك ثم سعت لذلك دول عربية تريد أن تتحرر من عبء القضية الفلسطينية لتقيم سلاما مع إسرائيل لأسباب متعلقة بالعلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة والاقتصادية وغيره ولتخفيف الضغوط الأميركية على هذا النظام أو ذاك وخاصة بعد مرحلة الحرب الباردة، ولذلك جرى مقايضة حقيقية لمصالح النظام القطري العربي أو النظام الإقليمي العربي مع قضية فلسطين أنه هذه قضية الفلسطينيين، طبعا طرح ذلك في حينه تحت شعارات براقة مثل "الممثل الشرعي والوحيد"، "أهل مكة أدرى بشعابها"، "اذهب أنت وربك فقاتلا" هذه طبعا ليست براقة الأخيرة هذه لغتي..

ليلى الشايب (مقاطعة): ألم يكن هذا أيضا مطلب بعض الفلسطينيين أنه يا عرب اتركونا، لم تساعدونا لم تخدمونا..

عزمي بشارة: طبعا طبعا لأن فيروس الدولة القطرية والرغبة في أن تكون لنا دولة ونظام وإلى آخره دخل أيضا فلسطينيا عند نخب وطنية ووطنية حقيقية، أنا لا أقول إن هذا لا سمح الله يشكل موقفا غير وطني أو كذا ولكن هذه اجتهادات في إطار الموقف الوطني الفلسطيني أودت إلى التهلكة لأنه حولت قضية فلسطين إلى قضية فلسطينيين، فما هي قضية الفلسطينيين يعني كيف في إطار توازن القوى الفلسطيني الإسرائيلي يستطيع الفلسطينيون أن يفرضوا أمورا مثل وقف الاستيطان وغيره؟ خرجوا بأدواتهم التي كانت قائمة وهي الانتفاضات الشعبية، المقاومة المسلحة، هذه الأدوات هي أدوات تمنع تطبيع الاحتلال -وهذا دورها التاريخي- تمنع تطبيع حياة الاحتلال وتضطر إسرائيل إلى طرح برامج إلى طرح نماذج، مثلا اقتنعت إسرائيل مؤخرا أنه يجب الانفصال ديموغرافيا عن الفلسطينيين ويجب أن يقوم كيانان يعني يقوم كيان فلسطيني إلى جانب الكيان الإسرائيلي، ولكن هذه الأدوات المتوفرة لدى الفلسطينيين غير قادرة على إقناع الإسرائيليين بحق العودة وبالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران وبالانسحاب من القدس وإلى آخره، هي قادرة على فرض كيان فلسطيني مثلا أو إجبار إسرائيل على الرغبة بالتخلص من المناطق المكتظة بالسكان لأن هي مناطق احتكاك يومي مع مقاومة حقيقية وباسلة وهذا هو دور الانتفاضتين ودور المقاومة المسلحة التاريخي ولكن قضية فلسطين كقضية شاملة جذريا تبدأ بالنكبة، وحق العودة هي قضية العرب ولا أدري ماذا يعني دولة عربية تصنع سلاما مع إسرائيل بدون حق العودة؟ بدون حق العودة..

ليلى الشايب (مقاطعة): فقط العودة إلى حدود 67..

عزمي بشارة (متابعا): ثم تطالب بحق العودة بعد أن تصنع سلاما مع إسرائيل، أو لم تصنع سلاما مع إسرائيل بعد ولكنها تشترط السلام مع إسرائيل بالانسحاب إلى حدود الـ 67 دون حق العودة. على من يتركون..

ليلى الشايب (مقاطعة): لماذا برأيك تم تجاهل..

عزمي بشارة (متابعا): على من يتركون حق العودة؟!

ليلى الشايب: لماذا تم تجاهل هذا البند المهم، حق العودة؟

عزمي بشارة: لأنه أنا أعتقد حق العودة مرتبط.. هنا الكلام -باعتقادي- الجوهري ولا بد أن نخرج من غابة التفاصيل التي تمنع عنا رؤية الصورة الشاملة واللي وقعنا فيها مؤخرا، تجميد الاستيطان وغيره بعد حرب غزة وزيارات ميتشل المكوكية، الكلام الجوهري هو أن حق العودة غير ممكن بدون وجود جبهة عربية وخطة لمواجهة إسرائيل عربيا الآن، خطة بالحرب خطة بالدبلوماسية ولكن إستراتيجية عربية شاملة في مواجهة إسرائيل، من ليس لديه إستراتيجية من هذا النوع يتحدث عن استعادة أراضيه التي خسرها عام 67 دون أن يذكر لماذا خسرها..

ليلى الشايب (مقاطعة): سلام على أضيق الحدود يعني.

عزمي بشارة: على حدود الدولة القطرية، ولكن قضية فلسطين تنتهي هنا، تصبح هي أيضا قضية قطرية أخرى في المناطق التي احتلت عام 67 ولكن جوهرها قضية فلسطين يعود أنه لا يمكن حله إلا كقضية عربية إلا كقضية العرب. يعني كيف يمكن ممارسة حق العودة إذا كانت الدول العربية التي فيها لاجئين تصنع سلاما مع إسرائيل دون حل ودون حق العودة، كيف؟ هنا تصبح تنتهي الخلافات مع إسرائيل ويصبح حق العودة قضية هذه الدولة مع الفلسطينيين وليست قضيتها مع إسرائيل، هنا يتحول حق العودة إلى رفض التوطين، عندما تصبح قضية حق العودة ليست قضية بين الدولة العربية أو الدول العربية وإسرائيل وإنما انتهت المشاكل بين الدول العربية وإسرائيل على أساس حدود الـ 67 تصبح قضية اللاجئين هي قضية بين الدول العربية والفلسطينيين وتأخذ طابعا عنصريا أو طابعا طائفيا أو طابعا جهويا أو طابعا إقليميا على نمط الثقافة السياسية التي تروجها مؤخرا الأنظمة العربية وهي ثقافة من هذا النوع. إذاً القضايا مرتبطة، القضايا مرتبطة، قضية فلسطين قضية عربية لا يمكن حلها بدون موقف عربي، إن الالتفاف حول قضية فلسطين عربيا يتطلب ويفرض ثقافة من نوع الثقافة التي كانت قائمة في الماضي وهي ثقافة غير طائفية وغير جهوية وغير إقليمية وأنا أرى حق العودة في هذا، خارج هذا السياق حق العودة ما هو؟ يفرض بالمفاوضات على إسرائيل؟ إسرائيل تقول لا بالمفاوضات وانتهى الموضوع ومن يريد أن يوقع يوقع حدود الـ 67. تذكري ليلى أن الخطابات التي نسمعها الآن وأنا أقدرها لأن فيها رفضا لطلب ميتشل بالتطبيع مع إسرائيل، الدول العربية وقفت -وأنا أقدر ذلك في الظرف الحالي- وقالت -مش بس لأغراض التهذيب، أقدره فعلا- أنهم خرجوا وقالوا الانسحاب إلى حدود الـ 67 أولا ثم التطبيع. وأنا أسأل وماذا عن حق العودة؟ حق العودة جزء من مبادرة السلام العربية..

ليلى الشايب (مقاطعة): على ذكر المبادرة العربية للسلام..

عزمي بشارة (متابعا): يعني إذا طبعتم مع إسرائيل دون حق العودة -نفترض- على من تتركون حق العودة؟

ليلى الشايب: على ذكر المبادرة العربية للسلام أولا المملكة العربية السعودية أعادت اليوم طرح هذه المبادرة وقالت إنها لا تزال متاحة لمن يريد أن يتبناها، المبادرة العربية هذه دكتور عزمي تقوم بالأساس على فكرة التطبيع مقابل السلام، الآن إسرائيل أصبحت تتحدث عن تطبيع مقابل وقف الاستيطان، كيف وصلت الأمور يعني إلى هذا التفريغ، تفريغ القضية الفلسطينية من جوهرها؟

عزمي بشارة: أولا ليلى من يتحدث عن تطبيع أو ما يسمونه هم مبادرات حسن نية أو الآن مؤخرا فيلتمان أدلى بدلوه -وأنا كنت أعتقد أنه لبنان خلص الـ CAREER بعد لبنان- الآن يدلي بدلوه في كل القضايا فيلتمان ويقول إن على العرب أن يقنعونا..

ليلى الشايب: طبق معرفته بالمنطقة.

عزمي بشارة: نحن نريد خطوات نقتنع بها أن العرب يريدون السلام. هذا غير معقول! يعني ما يجري لهذه الأمة غير معقول إطلاقا يعني هي التي يجب أن تثبت؟ هي المحتلة أراضيها يجب أن تثبت أنها تريد السلام مع إسرائيل!

ليلى الشايب: طيب خلينا نقرأ مثل هذا الحديث، ما المقصود؟ يعني طبعوا معنا..

عزمي بشارة: المقصود أن يقوم العرب -نعم ولو دول عربية قليلة- بخطوات تقنع الرأي العام الإسرائيلي وتتفهم إذا ما كان نتنياهو تقدم على خطى أولمرت في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. نتنياهو يقول أنا لدي يمين أنا انتخبت على أساس برنامج يمين لا أستطيع أن أنساه كله وأتقدم على خطى أولمرت، أنا بحاجة من العرب إلى مبادرات حسن نية إلى أمور تساعدني عند شعبي، يتحول العرب إلى دائرة علاقات عامة ليس فقط عند باراك أوباما عالميا إنه بده سلام وكذا وإنما أيضا عند نتنياهو أمام شعبه ويعني نضطر نحن كأمة بهذا الحجم وبهذه القدرات أن نقنع مواطنا مواطنا في إسرائيل أن العرب يريدون السلام! وأراضيهم محتلة والاستيطان جاري وحصار غزة -الذي نسيه الجميع- مستمر ويتفاقم، وضع الناس في غزة يتفاقم، وتهويد القدس مستمر! ألا يتطلب محاولة إقناع العرب أن إسرائيل تريد السلام أن يتوقفوا عن هذه الاستفزازات في الأقصى والحفر تحت الأقصى ووقف الاستيطان حول القدس؟ من الذي يحتل أراضي الآخر؟ لا، بالنسبة للولايات المتحدة -وهي صاحبة هذه الفكرة- يجب أن يكافأ المجتمع الإسرائيلي، وهذا ما سيفهمه الإسرائيليون إذا بدأت بعض الدول العربية -ولو كانت صغيرة أو كبيرة- بخطوات تطبيعية مع إسرائيل سيفهم المجتمع الإسرائيلي أن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة وأن انتخاب اليمين يضطر العرب إلى التراجع عن الخطوات التي اتخذوها ضد حكومة أولمرت إبان الحرب على غزة يعني يكافأ الشعب الإسرائيلي قبل إعادة البناء في غزة قبل رفع الحصار قبل أي شيء قبل ما يحاكم مجرمي الحرب، كل شيء ما زال كما هو استمرار للحرب بأساليب أخرى يُطلب من العرب مكافأة المجتمع الإسرائيلي على انتخاب..

ليلى الشايب (مقاطعة): وهل ترى المزاج العربي جاهز لهذا على مستوى الأنظمة على الأقل؟

عزمي بشارة: لا، لا، المزاج العربي.. آه على مستوى الأنظمة، على مستوى الأنظمة أنا أعتقد أن هنالك أنظمة عربية تتحين الفرص باستمرار للتخلص من عبء..

ليلى الشايب: عبء القضية الفلسطينية.

عزمي بشارة: القضية الفلسطينية والاشتباك مع اللوبيات الإسرائيلية ويرغبون بكل ما يمكن أن يجسر العلاقة بينهم مع الولايات المتحدة في نظام القطب الواحد أن هذا عالم أميركي وغيره مما تسمعين وبعضها حتى مقولات لا سامية من نوع أن اليهود يسيطرون على العالم ويجب أن نرضي اليهود، هذا كلام حتى الصهيونية لا ترضاه يعني لأنه يذكر بكلام قيل في القرن الماضي وأدى إلى مصائب بالنسبة لهم، ولكن على كل حال هذه اللغة التي تستخدم، عندما يخرج الشعب العربي إلى الشارع نتيجة للحرب الإسرائيلية أو غيرها من القضايا تجدين هذه النزعة خجلة وفجأة عندما يحصل انحسار في المد الشعبي وحالة من هذا النوع نجد أن من لديه فكرة يخرج فيها بجرأة أنه علينا أن نطبع ولم لا نصنع كذا وكذا مع إسرائيل وإلى آخره وماذا استفدنا من المقاومة وكلام من هذا النوع.

شعار يهودية الدولة وتأثير الملف النووي الإيراني

ليلى الشايب: بالضبط. كيف يمكن أن نفهم شعار حكومة نتنياهو، اعتراف العرب بيهودية الدولة وعرب الداخل بشكل خاص؟

عزمي بشارة: بالنسبة لعرب الداخل هذه قضية طبعا مهمة جدا ونحن أثرناها في حينه قبل أن يثيرها العرب وكانت موضوعا لصدام رئيسي بيننا وبين الصهيونية والحركة الوطنية دفعت ثمنا غاليا، ومستمرة على كل حال في رفع شعار أن الصهيونية ويهودية الدولة تتناقض مع فكرة المساواة والمواطنة وغيره وبالتأكيد تتناقض مع فكرة السلام ومع كذا. ولكن إسرائيل تطرح الموضوع عربيا وليس للداخل لأنه مهما كان الصراع بينها وبين عرب الداخل حول هذا الموضوع إلا أن الدولة بالنسبة لوضعها الداخلي أعلنت نفسها يهودية وتتصرف كدولة يهودية، بالعكس يطلب من الحزب عندما يدخل إلى انتخابات في إسرائيل أن يعترف بيهودية الدولة إذاً داخليا لا يشكل هذا أرقا كبيرا لها لأنها تستطيع أن تفرض نفسها كدولة يهودية في الداخل على الأقل على المدى القصير والمتوسط، ولكن عربيا المطلب هو خطير للغاية ويتجاوز قضية عرب الداخل الذين يعيشون في دولة تعرف نفسها دولة يهودية. إسرائيل دولة يهودية، هي الآن تطلب الاعتراف، هي لا تقول إنني أريد أن أصبح دولة يهودية، هي دولة يهودية قامت عام 48..

ليلى الشايب: تطلب أن يُعترف بها.

عزمي بشارة: أن يُعترف بها كدولة يهودية، لا تريد أن تعلن الآن عن نفسها الآن كدولة يهودية هي يعني شبعانة يهودية وصهيونية وإلى آخره، هي لم تكن حتى الآن دولة ديمقراطية علمانية هي الآن دولة يهودية ولكن تطلب من العرب الاعتراف بهذا الواقع. ماذا يعني هذا؟ يعني أمرين، الأمر الأول إخراج قضية حق العودة عن الطاولة دون تفاوض تقريبا أو دون تفاوض بالمرة يعني لأنه يصبح من أسس المفاوضات الاعتراف بهذه الدولة، من أسس المفاوضات، هو يريده كشرط نتنياهو، هذا الأمر الأول. الأمر الثاني أنا باعتقادي هو الأمر الخطير على المدى البعيد لأنه لم تعد إسرائيل تكتفي بالاعتراف بها de facto يعني كأمر واقع وإنما de jure هي تريد اعترافا بشرعيتها بقانونيتها باعتبارها تعبر عن حق تقرير المصير للأمة اليهودية يعني هي لا تطلب.. لم تعد تقبل باعتراف عربي ناجم عن عدم قدرة العرب على تدمير إسرائيل أو اعترافهم بأمر واقع وإنما تطالبهم بالاعتراف بالصهيونية وليس بإسرائيل وهذا يعني -إذا ما فعل العرب ذلك- انهيار معنوي نفسي ثقافي شامل عند العرب لأنهم بنوا حتى الآن كل نظرية الصراع مع إسرائيل على أنه لهم حق تاريخي وأن إسرائيل هي حالة كولونيالية حالة استعمارية، سحب ذلك يعني بأثر رجعي، بأثر رجعي، أنه تاريخيا كان العرب مخطئين وان إسرائيل على حق لأن لديها شرعية تاريخية اسمها الدولة اليهودية، هذا تعبير عن حق تقرير مصير اليهود. أنا لا أستطيع أن أصف ماذا يمكن أن تكون أبعاد ذلك على النفس العربية والمعنويات العربية والثقافة العربية، هذا أمر ممنوع أن يناقش أصلا.

ليلى الشايب: سؤال أخير دكتور عزمي، الملف النووي الإيراني الذي قفز إلى الأحداث كأولوية مطلقة الآن كيف يؤثر على اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية؟ وهل يعتبر نجاحا لإسرائيل؟ هي التي فرضت الملف النووي على حساب ملفات أخرى ربما أكثر أهمية؟

عزمي بشارة: طبعا كل شيء ممكن رؤيته من هذه الزاوية ولكن يجب أن نرى أيضا من زوايا أخرى لكي لا ينتهي البرنامج أيضا بنبرة تشاؤم، كلها نجاحات إسرائيلية حتى الآن! أنا أقول إنه طبعا ليس الهدف هو لفت نظر هذا عن القضية الفلسطينية، طبعا لا، يعني في النهاية هم يرون أن هنالك خطرا حقيقيا ولكن إحدى النتائج الجانبية لهذه الحملة التي تدور أن الصراع الرئيسي ليس حول القضية الفلسطينية وإنما حول التطرف الإسلامي، إيران مرة القاعدة مرة حركات المقاومة مرة ثالثة إلى آخره، القضية الأساسية في المنطقة..

ليلى الشايب: التي تريد أن تقوض إسرائيل..

عزمي بشارة: القضية الأساسية في المنطقة، على فكرة أوباما في خطابه ساهم في ذلك عندما قال جذر النزاع هو عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وقال ذلك في خطابه وهذا جزء من خطاب إسرائيلي على فكرة وهُنئ على ذلك إسرائيليا، هذا جديد أنه يتكلم بهذا الشكل. الأمر الرئيسي هنا ليس النجاح الإسرائيلي، ما هنالك قوة جديدة يعني نحن نتحدث.. من شاه إيران بودر، تم تقديم المعونة له ليطور سلاحا نوويا من قبل الأميركان، إلى دولة -على فكرة شاه إيران حاولوا أن يطوروا معه- إلى دولة تتحدى هي بقدراتها على طاقة نووية وتشكل على الأقل في نظر الغرب حالة من التطور التكنولوجي والحضاري والحداثي وإقامة مشروعها..

ليلى الشايب: التي يحتاجها العالم..

عزمي بشارة: يجب أن نفكر نحن أن المسألة هي هنا ليست النجاح الإسرائيلي وإنما القلق الإسرائيلي، هذا، وماذا لو تطورت دول عربية دولة أو دولتين أو مجموعة دول عربية هذه القدرات الحداثية على إقامة دولة منظمة بقدرة على استخدام التكنولوجيا بإرادة وطنية من هذا النوع تتعارض في كل شيء وتتناقش ولكنها متفقة على قضايا الأمن القومي بما فيها قضية من هذا النوع، حقها في امتلاك الطاقة النووية.

ليلى الشايب: شكرا جزيلا لك دكتور عزمي بشارة المفكر العربي كنت ضيفنا في لقاء هذا اليوم. في الختام مشاهدينا أشكركم لحسن متابعتكم، تحية لكم أينما كنتم.

المصدر: الجزيرة