تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعد قانون بشارة.. على الطريق "قانون لزحالقة"

2010-06-01

نزار السهلي
     
عندما كتب الدكتور عزمي بشارة في أيار من العام الماضي، موسم القوانين العنصرية، المدرجة على قوائم الكنيست الإسرائيلي، كمجموعة من القوانين العنصرية التي تستهدف الوجود العربي الفلسطيني لعرب 48، كانت تشير عن التوجه الذي تسير إليه إسرائيل، في محاولة لإعادة فرض الأسرلة على عرب الداخل.

وفي قراءة الدكتور بشارة لموسم القوانين العنصرية، نقض واضح لاعتقاد البعض أن إسرائيل دولة ديمقراطية وأصبحت تتجه نحو الفاشية، وهو اعتقاد خاطئ، لأن إسرائيل هي بالأساس كيان احتلالي استيطاني، وهذا ينفي عنها أي تسمية تتعلق بالديمقراطية أو الإنسانية، ويؤكد التوجه العنصري الصهيوني ليهودية الدولة، القائمة على نفي الآخر، وعدم الاعتراف بوجوده، إلا بشكل مؤقت فوق أرضه التاريخية والعمل على طمس وتدمير ثقافته وموروثة الحضاري والإنساني، لتسهل عملية طرده من أرضه فيما بعد.

وإذا ما دققنا في القوانين العنصرية، التي تجتهد المؤسسة الصهيونية في تشريعها ضد عرب الداخل، وضد ممثليهم، وكان أبرزها في السنوات القليلة الماضية، على ما اصطلح تسميته في المؤسسة الصهيونية " قانون بشارة"، وأن "حالة بشارة تقتضي تطبيق هكذا قوانين"، وهي حالة كما يراها عتاة اليمين الصهيوني، تشكل خطرا على يهودية الدولة، التي بدا الوعي العربي داخل الخط الأخضر، يفضح توجهها، ويكشف للعالم جرائمها التي تتسع وتتزايد يوما بعد يوم، مقاومة عرب 48 لكل مشاريع الأسرلة والتهويد وطمس الهوية، عبر التصدي للقوانين العنصرية المتصلة بيهودية الدولة والولاء لصهيونيتها الديمقراطية، وهو ما عمل الوعي العربي لعرب 48 على فضحه ومقاومته في موازاة نمو وعي الانتماء والمواطنة لأصحاب الأرض التاريخيين لمواجهة الأسرلة من خلال، إحياء ذكرى النكبة، ورفع العلم الفلسطيني، والتضامن مع غزة في مواجهة العدوان والحصار، والتأكيد على انتماء الهوية العربية الفلسطينية مع محيطها العربي وهو، ما يفزع إسرائيل ويؤكد أن حملة الملاحقة والتجييش ضد الوجود العربي لأصحاب الأرض التاريخيين منبعه عنصرية صهيونية، لا تستطيع أن تخفي وجهها بقناع الديمقراطية المزيفة الذي أسقطته نضالات الشعب الفلسطيني، لتبقي إسرائيل أمام العالم عارية أمام جرائمها المتلاحقة ضد شعوب المنطقة.

وما برز في الأيام الماضية من اتهام للنائب العربي جمال زحالقة، هو في نفس السياق الذي تذهب إليه المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية في نظرتها لممثلي الأحزاب العربية، على أنهم مجرمون وورثة بشارة، أي بمعنى أخر ورثة الحقيقة التي تقدم الهلع للمجتمع الإسرائيلي من تنامي قوة الصوت والحضور لممثلي الأحزاب العربية، والتهديد بملاحقتهم بتهم أمنية تحد من تغلغل الفكر القومي لأصحاب الأرض التاريخيين، هي إعادة الكرة مرة أخرى مع ما حصل مع الدكتور عزمي بشارة وتلفيق التهم ضده، التي هي بالأساس، فضح التزوير والأسطورة التي قامت عليها الديمقراطية الصهيونية.

إذاً الحملة على النائب جمال زحالقة، هي لقيامه بفضح وتعرية ما ترتكبه المؤسسة الأمنية والسياسية من جرائم ضد الشعب الفلسطيني وأطفاله ونسائه أمام بصر العالم، وما تمارسه عبر نظامها العنصري ضد أصحاب الأرض التاريخيين، أفقد الدولة الديمقراطية صوابها لمواجهتها بحقيقة نفسها، وبحقيقة قادتها مجرمي الحرب المطلوبين للعدالة، وهي حملة لن تتوقف حدودها عند سن القوانين العنصرية فقط، بل لاستكمال ما بدأته المؤسسة الصهيونية من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.

سؤالنا المتواضع بعد القراءة المتواضعة لما يتعرض له عرب الداخل، وما قدمه ويقدمه ممثلو عرب 48 من دروس الانتماء وفضح المجرمين ومقاومة الإجراءات العنصرية، والالتصاق عميقا بالانتماء العربي والقومي في مواجهة الأسرلة، يحق لنا أن نسال ماذا حضرت السلطة الفلسطينية لعرب الداخل لمواجهة وإدارة معركة الشطب؟ أم أن هناك حديث "كل واحد بيقلع شوكه بايدو" كما يحلو لأطراف السلطة سرا أن تتحدث؟!

كان يقول أحدهم "حلوا مشكلتكم مع الإسرائيليين" لوحدكم، وبالطبع هو عار مضاف لعار الاتفاقات الموقعة بين شجعان السلام وشجعان الإرهاب المتواصل، الذي يقدم لنا يوما بعد يوم قانونا لبشارة وآخر لزحالقة، وهو على استعداد ليقدم قوانين مفصلة لكل مواطن عربي وفلسطيني داخل الخط الأخضر وخارجه.

* كاتب فلسطيني يقيم في دمشق.

موقع الانترنت للإعلام العربي أمين